آراء

الحوار التونسي تَدُسُّ ''السم في العسل''

 دأبت قناة الحوار التونسي منذ فترة طويلة ، على تمرير خطابات محرضة على العنف ضد المرأة و اراء متطرفة ، رجعية ذكورية ، بداية من السكاتشات في برنامج "أمور جدية" و مرورا بالتصريحات المرذلة للنساء في برنامج "جودي تو" و وصولا إلى برنامج "فكرة سامي الفهري" الذي تناول خلال حلقة السبت الماضي موضوع تعدد الزوجات لا سيما ان هذا الأمر محسوم  في الفصل الـ18 من مجلة الأحوال الشخصية منذ 08 أوت 1956.

و ينص الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية منع تعدد الزوجات و عقوبة بالسجن لمن يجمع بين زوجتين ، و سنتان سجنا للزواج على خلاف على الصيغ القانون ، أو ما يعرف بالزواج العرفي الذي إنتشر إبان ثورة 14 جانفي 2011.
لاشك ان مقدم البرنامج الهادي زعيم عندما طرح ،سؤاله على ضيفه المغني الشعبي الشاب بشير حول رأيه في تعدد الزوجات ، على دراية كاملة بأن القانون التونسي يمنع التعدد و أن الأمر محسوم ، و من المستبعد أن يكون السؤال تلقائيا بما أنه هناك إعداد مسبق للبرنامج و للأسئلة التي ستطرح على ضيوفه ، فلماذا هذا الإصرار الذي يتكرر بصفة دورية في جميع برامج الحوار التونسي ، حول قوانين محسوم أمرها في الدولة التونسية ؟ لماذا هذا الإصرار على إستحضار مواضيع نحن في غنا عنها و لا تنفع المجتمع في شيء؟ ماذا تريد أن تمرر القناة ؟ ما غايتها ؟
نحن هنا أمام إصرار من طرف قناة لديها رخصة قانونية على طرح مواضيع غريبة عن المجتمع التونسي ، حسم القانون أمره فيها ، على غرار الزواج العرفي الذي سبق و طرحته في مسلسل تلفزيوني "براءة" ، إضافة الى تعدد الزوجات الذي بات من الأسئلة القارة في برامج هادي زعيم ، و السؤال هنا المشاهد ماذا سيستفيد من هذا الأمر ؟
الإعلام هو مرآة المجتمع و مسؤوليتنا كوسائل إعلامية عمومية و خاصة هو طرح مشاكل التونسيين التي تؤرقهم  ،التحدث عن التحديات التي تواجههم في حياتهم اليومية ،نحن اليوم كمجتمع تونسي تواجهنا الكثير من المشاكل المجتمعية و الاقتصادية و النفسية و البيئية، مشاكل في الإعلام و التعليم و الصحة و الأمن الغذائي ، جفاف و شح مائي ، تضييق على الحريات ، بماذا سيفيدنا تعدد الزوجات أو معرفة رأي مغني شعبي متورط في قضايا عنف حول هذا الموضوع ؟
بات ترذيل المجتمع و الإعلام و التسطيح الفكري و إستغباء المشاهدين و الإستخفاف بهم و زرع أفكار ظلامية و رجعية ، واضحا و يمارس بشكل يومي على شاشة قناة الحوار التونسي ، من أجل ثقافة "buzz" و بحثا عن نسب مشاهدة عالية و تنصلا من المسؤولية المجتمعية و الأخلاقية التي من المفترض أن تتحلى بها وسائل الإعلام .
هنا مع هذا المحتوى البائس الي أين نلجأ هل يكفي التنديد بسياسة "دس السم في العسل" التي تنتهجها القناة من خلال برامجها "الترفيهية'' ؟ في ظل تجميد عمل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ''الهايكا" ، لعل الكثيرون لازلوا يواصلون في منحى "أنا اش يهمني" و شعارات مثل "اعلام المزابل" متنصلين من مسؤولياتهم و متمسكين بالسلبية المنتشرة في القطاع الإعلامي دون التفطن الى خطورة المحتوى الذي تروجه هذه القناة.
 
أحلام شرميطي