وطنية

تونس تحيي اليوم الذكرى 69 لإنبعاث الجيش الوطني

 تحيي تونس يوم 24 جوان 2025 الذكرى التاسعة والستين لانبعاث جيشها الوطني، مناسبة تُمثّل محطة مفصلية في تاريخ الدولة التونسية الحديثة، وفرصة لتجديد الاعتزاز بمؤسسة عسكرية أثبتت انضباطها، احترافيتها، وولاءها التام للوطن، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والحسابات الضيقة.

تم تأسيس الجيش التونسي يوم 24 جوان 1956، بعد أقل من أربعة أشهر على الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي. وقد كان بعث الجيش آنذاك خطوة سيادية بامتياز، تعكس تطلعات الدولة الوليدة في حماية ترابها الوطني وممارسة سيادتها الكاملة. انطلق الجيش بعدد محدود من الضباط وضباط الصف الذين كانوا ضمن الجيش الفرنسي، ثم تطور تدريجياً ليُصبح ركيزة أساسية في منظومة الدفاع الوطني.
منذ تأسيسه، لم يقتصر دور الجيش التونسي على الدفاع عن الحدود وحماية الأمن القومي، بل انخرط أيضًا في المجهود التنموي الوطني. فقد ساهم في بناء الطرق، وحفر الآبار، وإغاثة المناطق المنكوبة بالكوارث الطبيعية. كما كانت له مساهمات كبيرة في المهمات الأممية لحفظ السلام في مناطق النزاع، ما عزز من سمعة تونس دوليًا.
لعب الجيش التونسي دورًا محوريًا في المحطات الحاسمة من تاريخ البلاد. ففي أحداث الثورة التونسية عام 2011، اتسم موقف الجيش بالحكمة والانضباط، إذ انحاز إلى الشعب ورفض الانخراط في قمع المتظاهرين، ما جنّب البلاد حمام دم وأكد مرة أخرى نزاهة هذه المؤسسة وولاءها لمصلحة الوطن.
كما برز دور الجيش بشكل خاص في مواجهة التهديدات الإرهابية منذ سنة 2012، خاصة في المناطق الحدودية والجبلية، حيث قدم العديد من أفراده أرواحهم فداءً لتونس، وأكدوا من جديد أنهم درع البلاد وسندها في الأوقات الصعبة.
في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، يواجه الجيش التونسي اليوم تحديات أمنية ولوجستية، تتطلب مزيدًا من التحديث والتكوين والتجهيز، خاصة في مجال الحرب الإلكترونية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. لكن في المقابل، يحظى الجيش بثقة مطلقة من الشعب التونسي، وهي ثروة رمزية لا تقل أهمية عن العتاد والتكنولوجيا.
في الذكرى 69 لانبعاثه، نوجه تحية تقدير وإجلال إلى كل أفراد المؤسسة العسكرية، من قيادات وجنود، وإلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في ساحات الشرف. إنهم الحُماة الأوفياء الذين نذروا أنفسهم لخدمة الوطن دون منّ أو رياء.
تحيا تونس... ويحيا الجيش الوطني!