وطنية

بن عاشور يحذر: السلطة الحالية تقمع المعارضين وتشوّه الديمقراطية

 أوضح أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور، الرئيس السابق للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي، في مقال نشره على فيسبوك يوم الاثنين 29 ديسمبر 2025، أنّ الخلل الحالي في الحياة السياسية التونسية يظهر من خلال تمكين سلطة بلا حدود من قمع المعارضين، مستغلة قوانين جائرة، وقضاء مسخّر، وجهاز أمني بلا رادع.

وقال بن عاشور: "السؤال كيف يمكن لهذا النظام أن يبرّر نفسه وأن يستمر في الحكم؟ الجواب: عبر أكذوبة مغلّفة بتصور زائف للديمقراطية والسيادة". وأضاف أن النظام الحالي يقتصر على الجانب الكمّي للديمقراطية، ويعتمد على انتخابات منحازة وباطلة، ومعارضة مقموعة، وشعب وهمي لا وجود له إلا في أذهان من يدّعون تمثيله، ما يجعل فكرة "إرادة الشعب" أداة لإضفاء شرعية وهمية على السلطة المطلقة.
وأشار إلى أن هذا التصور يؤدي إلى مجتمع سياسي يفتقد الحرية، ويصبح الشعب المخدوع أول من يُضعف حريته. واعتبر أن الديمقراطية الحقيقية تعني جودة السياسة ووعي الشعب وحماية حقوقه عبر قضاء نزيه وقوانين معتدلة ودستور مشروع، وهو ما يميّز دولة القانون عن الدولة الاستبدادية.
وفيما يخص السيادة، شدّد بن عاشور على أنها تنبع من الإرادة العامة وتظهر من خلال الاقتراع والتمثيل الوطني، لكنها ليست مطلقة ولا تسمح بسن قوانين استثنائية أو اعتقال المعارضين بلا دليل. وأكد أن القوة الأخلاقية للدولة تتجلى في اعتدال قوانينها، خاصة الجزائية، وأن الدول الاستبدادية تعتمد على قوانين استثنائية وقمع ممنهج فقط.
واستشهد بن عاشور بعدة أمثلة على تجاوزات خطيرة: اعتقال وإدانة شخصيات وطنية مثل نجيب الشابي، العياشي الهمامي، شيماء عيسى، وسجن قضاة ومحامين ونشطاء حقوقيين مثل أحمد صواب وسعدية مصباح، إضافة إلى إلحاق الضرر بالحياة الأسرية لشريفة الرياحي. ورأى أن هذه الممارسات تجرد الدولة من سيادتها الحقيقية وتجعل حكمها قائماً على غريزة البقاء وليس العقل السياسي.
كما أضاف أن مفهوم السيادة يُستغل أيضًا للتغطية على الانتهاكات ومنع تدخل المنظمات الدولية، معتبرًا أن السيادة الحقيقية تحمي الدولة دون أن تُستخدم وسيلة للاستبداد أو الإخفاء عن القانون الدولي. وأكد أن السيادة الحالية في تونس أصبحت مصدرًا للانقسام والظلم والعنف، داعيًا إلى إعادة النظر في الديمقراطية والسيادة بعيدًا عن الشعبوية والأوهام.