آراء

الكف الأحمر للشهيد !

هادي يحمد
صفحة يدك اليسرى حمراء كوردة جلنار خماسية الأوراق بالكاد أينعت.. من خضبها بالدماء يا فتى؟! كنت على قارعة الطريق تنتظر أن تعود الى البيت كعادتك كل اربعاء، من سرق زهرة عمرك يا فتى؟! اراك تنتظر والوقت يمر وشمس المغيب تنهي نهارها لما سقطت دون ان تنهي المكالمة الى من تحب.
يدك الحمراء كوردة جلنار تمسك شيئا لا تدركه العيون، اراك قد لمست بها الجرح و ثقب الرصاص الغائر قبل ان تسقط. خضبتها بدم مداخل الرصاص في جسد يتهاوى. أراك تسأل نفسك في بقية الانفاس وانت تلفظ اخرها. لماذا أنا؟! وماذنب الوالدة التي تنتظر؟! وما هوية قاتلي؟! أتراه اختارني؟! ولماذا ؟!
أتراك نظرت الى عيني قاتلك؟ خبرنا عن لون عينيه؟! أأعين بشرية هي؟! أم هي عين الموت الأسود القادم من تراتيل الكتابات القديمة ؟! اراك تركت لنا دليلا هوية قاتلك على صفحة يدك الحمراء المخضبة بالدماء. أيكون أصحاب الخمس بعدد أصابع يدك التي احمرت كوردة جلنار؟! أفي الله شك؟!
 مكتملة الاحمرار يدك، كل أصابعها مخضبة بالدماء. من لوّن يدك البيضاء بالأحمر القاني يا فتى؟!
لم تسقط وحيدا ذاك الاربعاء على قارعة الطريق، صلب الأسعد عالم اثار تدمر وقطعت رأسه شهيدا على الطريق مثلك. ألم يقولوا في الاثار الغابرة ان الشهداء ينيرون الطريق. ألم يقل عيسى المسيح: "أنا هو الطريق والحق والحياة". لقد قتل الاسعد على الطريق مثلك يا فتى. سعداء أنتم تموتون على الطريق.

يا شهيد انت طريقنا الذي سقط على الطريق. اراك تنير طريقنا مثلما ينير الاسعد طريق دمشق وتدمر. لم تسقط ذاك الاربعاء وحيدا، سقط في ذات الاربعاء شهداء في عدن والأنبار والقلمون وحلب ودرنة وسرت.. ومدن أخرى من بلدان الخريف العربي. كلهم ينيرون لنا الطريق.
دعني أقرأ كفك الحمراء الممتدة على الاسفلت. أنت مثلنا، ابن العمال والفلاحين. انت مثل الكثيرين تحلم بمسكن وزوج وبنين. انت مثل غالبية الشباب التونسيين، يحبون الله ويكرهون الناطقين باسمه والمتكلمين. هل قتلك الناطقون باسمه؟! أفي الله شك؟!
ما ابشعه ربهم الذي يقتل غدرا على الطريق!
بحثت في اصبع بنصرك عن خاتم الخطوبة فلم أجده. دام هو كالسبابة شعار من أطلق عليك الرصاص يوم الاربعاء.
اترى القاتل ينظر الى يدك الحمراء الان مثلي. ما الذي تقول له اليد الحمراء المخضبة بالدماء؟! بلا شك هي تدينه. كفك الاحمر المخضب بالدماء بطاقة ادانة يا فتى. يدك الحمراء شعار لاجرامهم وغدر وطول الطريق.
يدك الحمراء الممدودة على اسفلت ساخن على الطريق بين القيروان وسوسة، لا نعلم هل هي بداية أم نهاية الطريق. لكننا سنسير عليه. سنتعب وسيسقط اخرون على الطريق ولكننا سنواصل المسير.