ثقافة و فن

فيلم 'جزيرة الغفران' : طرح متجدد لمسألة التعايش رغم الاختلاف في المجتمع

 "نحن والآخر، أين نحن من الآخر ومع الاخر؟"، أسئلة أساسية ظل يبحث عنها وهواجس غالبا ما تشغل فكره ليجعل منها مسائل جوهرية في اغلب أعماله الفنية ذلك هو رضا الباهي مخرج الفيلم الجديد "جزيرة الغفران"، الذي انطلق في تصويره بجزيرة جربة منذ 21 افريل ليتواصل حتى 25 ماي 2019 في عدة مواقع بين سيدي جمور وحومة السوق والدار البيضاء والجوامع والكنيسة وغيرها 

... ويطرح فيلم "جزيرة الغفران" قضية التعايش بين الأقليات في مجتمع تتواجد فيه فئات دينية واجتماعية وعرقية مختلفة، فيتعرض الى صعوبة هذا التعايش ومزاياه والحاجة الماسة اليه. والتعايش مسألة يفتقر إليها عالمنا في السنوات الاخيرة في وقت سمته رفض الاخر، حسب الباهي.
بين "جزيرة الغفران" و "رسالة الغفران"، وشائج قربى كبيرة، فأصحاب "الغفران" في الرسالة وفي الجزيرة، الباهي والمعرّي، اعتمدا ما أسماه المخرج، رضا الباهي، خلال ندوة صحفية عقدها وفريق تصوير فيلمه، مساء السّبت، بجربة "بالسخرية السوداء"على أنفسنا وعلى اوضاع نعيشها.
أمّا مصطلح الغفران ففيه طرح ديني لا يبتعد عن المعري في تناوله لذلك التناقض بين ما يدعو اليه الدين وبين ممارسات المتدينين، وفق الباهي.
وأردف مخرج الفيلم، قائلا: إنّ جزيرة الغفران، أيضا، تحمل غمزة صغيرة دينية تتجاوز الاجتماعي مضيفا ان الغفران، في أحد معانيه التي قصدها، هو التعايش لكنه تجنب هذا المصطلح هروبا من ان يسقط في ما هو مستهلك، رغم اعتقاده انه احدث الفرق في تناول موضوع مستهلك من خلال طريقة معالجة الموضوع وإدارة الممثلين وخلق الحبكة في الدراما وتقديم الشخصيات وملامسة الواقع، على حد تعبيره.
واشار الى ان فكرة عمله ترتكز، أساسا، على التعايش في فترة وصفها بـ"السنوات الجميلة"، في فترة الخمسينات قبيل الاستقلال وبعده بسنة، حيث تعايش الايطاليون والمالطيون والإسبان والاتراك والأمازيغ والعرب والمسلمون والمسيحيون واليهود، ولعلّ هذا التعايش كان بجزيرة جربة أطول من غيره ببقية جهات البلاد بتونس العاصمة او القيروان ولذلك اختار هذه الجزيرة مكانا تدور به أطوار عمله.
ورغم ان أحداث الفيلم تدور في الخمسينات، الا ان رسائلها مهمّة إلى حدّ هذه الساعة، فقبول الآخر وفهمه حاجة أكيدة وضرورية للتعايش، لأنه حاضر معنا على الدوام ولا يمكننا تجاهله، وفق تعبير الباهي، الذي شدد على أنّ أعماله تحمل ضرورة إسقاطات على الواقع.
ابتعد رضا الباهي في هذا الفيلم، الذي استغرق منه سنة ونصف في الكتابة، عن الغريبة وعن تواجد اليهود، ليستلهم من تعايش الأتراك والأمازيغ والمالطيين والإيطاليين والمالطيين والإسبان، فاختار عائلة إيطالية مسيحية وجعل احداث القصة تدور حولها مع الحاج ابراهيم وعدد من المسلمين التونسيين، وقاده خياره، حتما، الى الممثلة الإيطالية ذات الجذور التونسية، كلاوديا كاردينال.
ورحبت كلاوديا كاردينال بالتجربة وأعجبت بالسيناريو، الذي استعادت معه طفولتها واطوارا كثيرة من حياتها في وطنها الام، وفق ما صرحت به في هذه الندوة الصحفية قائلة: جميل ان نعود الى الجذور والى فترة تعايش فيها الجميع بسلام وتقاسموا فيها الكثير من مسراتهم وأحزانهم دون ان يشعر اي طرف انه أفضل من الاخر وذلك هو التعايش الرائع.
ويرتبط انطلاق عرض الفيلم في الربيع المقبل بمدى توفر الاعتمادات والدعم المادي لإنهاء المونتاج والتركيب، ليبقى غياب الدعم اكبر صعوبة تواجه هذا العمل الذي وعد رضا الباهي الجمهور بانه سيكون عملا فنيا راقيا.
ويشارك في فيلم "جزيرة الغفران" لصاحبه رضا الباهي تأليفا وإخراجا، مجموعة من الفنانين بين تونسيين وإيطاليين ومالطيين وفرنسيين ولبنانيين الى جانب كلاوديا كاردينال ومحمد علي بن جمعة ومحمد السياري وعلي بالنور وسمر ماطوسي وكاتيا غريكو وألكسندر إسكيمو وكاميل كانيار، البطل الذي سيخلق به المفاجاة، وفق الباهي وغيرهم.. فيما لم تشارك درة زروق بسبب التزامات مهنية.

وات