" لو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت . كُنت إذا مدّوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها ". هذه المقولة تُنسب إلى الخليفة معاوية الفاعل الأكبر في الفتنة الكبرى التي مثّلت مرحلة حروب متعاقبة خرج منها معاوية منتصِرا سنة661 ميلاديا.
وتفترض هذه الاستعارة باعتبارها إشادة بالتوازن المتقلِّبِ أنّ الاستقرار ليس أفقا للخروج من الأزمة.
ومن هنا يأتي السّؤال: كيف يمكن تنظيم هذه القوى الفاعلة؟ وماذا سيحصل إن انقطعت الشّعرةُ؟.
يهتمّ معرض " شعرة معاوية " بكيفية إيجاد المعنى في فترات الاضطراب. ولهذا السّبب يسبر المعرض أغوار لفظ " الفتنة " الذي يعني إحالة إلى الأزمات السياسية في فجر الإسلام والمخيال الجماعي المرتبط بهذا اللفظ . وتحيلُ الدّلالاتُ المركّبة للفتنة أيضا إلى اضطراب الحياة العاطفية واضطراب الجسم الاجتماعي في الوقت نفسه. ويدعو المعرض من خلال هذه المماثلة إلى احتضان التعبيرات المضطربة عن الحرية.
لقد صاحبت قراءة كتاب الفتنة الكبرى (1989) للمؤرّخ التونسي هشام جعيّط (1935-2021) تصوّر هذا المعرض. و مثّل كتاب طوق الحمامة باعتباره رسالة في الحبّ ألّفه الشاعر ابن حزم في القرن الحادي عشر ميلاديّا فرصة للمقاربة بين الاضطراب السياسي والاضطراب العاطفي.
ومثّلت الأعمال الفنّية المعروضة نتاجا لتأمّل مشترك بين عشرين فنّانا تونسيا وفنّانين من آفاق أخرى. وقد تمّ إنجازه عدد من هذه الأعمال على نحو مخصوص خلال إقامات مركز الفن المعاصر " 32 بيس."
" من بين الفنانين الواحد والعشرين المشاركين في المعرض نجد أن حوالي ثلثهم من تونس أومن الشتات. وكانت الغاية تجميع خليط متنوع من الآراء والممارسات عبر الأجيال و تحفيز التنقل أو السفر خاصة بين الدول العربية وبين البلدان الإفريقية. وقد أمضى حوالي نصف الفنانين وقتا من الإقامة في" Bis 32 " لأغراض البحث والإنتاج.