كشف تونسيّون عائدون من قطاع غزّة أن الفلسطينيين هناك يواجهون أحلك الظروف الإنسانية من انعدام الأغذية ونقص التموين وانقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء وندرة الوقود منذ أكثر من شهرين منذ شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على القطاع، ووصفوا ما يعانيه سكّان غزّة بحرب لم يسبق أن عايشوها في تاريخيهم.
ووصل فجر اليوم، الأحد 10 ديسمبر 2023، 57 من التونسيّين وعائلاتهم الذين كانوا مقيمين في غزة، منهم أزواج وزوجات فلسطينيون وفلسطينيات، في رحلة إجلاء من غزّة عبر مصر نظّمتها تونس بعد مدّة من التنسيق مع الجانب المصري وسفارتي تونس في القاهرة ورام الله.
ونقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء عن عدد من هؤلاء قولهم:''المأساة الإنسانية التي عايشوها لا يمكن مقارنتها بحروب سابقة كان قد شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي سنوات 2008 و2012 و2014''.
حالة دمار كارثي
يقول الشاب الفلسطيني رضوان الغرايري:''حالة الدمار الكارثي لم يسبق أن شاهدت غزة مثلها خلال الحروب السابقة، ينعدم الأكل والماء في غزة وينتشر في كل مكان ركام البنايات المهدمة نتيجة القصف''.
ورضوان الغرايري كان يقيم بحي النصر الموجود بالمنطقة الغربية لمدينة غزة، وهي المنطقة ذاتها التي كانت ضمن المناطق التي شهدت اللحظات الأولى لعمليات التوغّل البرّي التي نفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفاقم توسّع دائرة العدوان الذي يشنّه جيش الاحتلال على القطاع، تدهور الأوضاع والمأساة الإنسانية، التي يعانيها القطاع بطبعه جراء الحصار المفروض عليه قبل اندلاع العدوان الأخير حسب ما عايشه هذا الشاب المنحدر من والد فلسطيني وأم تونسية.
من جهتها نقلت الدكتورة الفلسطينية في علم الاجتماع سميرة النحّال، صورة أكثر قتامة عن الوضع الصحي لسكان غزّة.
إذ تشكّل البيئة الحالية لقطاع غزة حسب المتحدّثة، حاضنة ملائمة لانتشار الفيروسات والأوبئة إذ أن النازحين يهرعون إلى التجمع والسكن بالمدارس حيث ينعدم الصرف الصحي وهو ما جعل الأمراض تنتشر بسرعة، في حين يعجز المصابون بمرض السرطان عن الحصول على جرعات العلاج الكيميائي.
وتابعت سميرة النحّال، الوافدة من مدينة رفح الحدودية مع مصر، قائلة:''يهدّد شبح الموت البطيء من يعانون الفشل الكلوي لأنه لا يمكنهم غسل الكلى مرتين أو ثلاث في الأسبوع بعد تدمير كل المستشفيات والمرافق الصحية''.
رغم كل شيء.. متمسّكون بالعودة متى سنحت الفرصة
ورغم حالة القلق السائدة بين العائدين لتوّهم من غزة في رحلة الإجلاء التي نظمتها تونس، إلا أن الإجماع يسود بينهم على العودة إلى القطاع متى سنحت الظروف.
''عائدون كلنا'' بهذه الكلمات لخّص الشاب الفلسطيني رضوان الغرايري حالة ارتباطه بمدينة غزة التي لم يفارقها إلا من أجل الدراسة الجامعية بتونس لثلاث سنوات وعاد إليها أكثر شوقا مما كان عليه.
وختم بالقول: ''يوجد في غزة مشهدان، أحدهما يبرز المأساة الإنسانية للسكان المدنيين فيما يرسم المشهد الثاني صورة خالدة عن الصمود والمقاومة في وجه الاحتلال''.
يذكر أن العدوان الإسرائيلي على القطاع بلغ يومه الـ65، وقد أفادت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي ارتفع إلى حدود أمس السبت إلى 17700 شهيد بالإضافة إلى 48780 إصابة، وذلك منذ السابع من أكتوبر 2023.