اقتصاد

البرباشة في تونس : 10 آلاف عامل في الظل يواجهون الأمراض والتهميش

 سلطت دراسة ميدانية أعدّها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الضوء على واقع "البرباشة" — وهم جامعو النفايات — في تونس، كاشفةً عن ظروف عمل صعبة ومخاطر صحية جمّة، في ظل غياب شبه تام للاعتراف المؤسسي بهم.

الدراسة التي جاءت تحت عنوان "البرباشة أو اقتصاد القمامة: من مصب برج شاكير إلى شوارع العاصمة"، قُدّمت خلال ندوة صحفية وأظهرت أرقامًا لافتة. ففي مصب برج شاكير وحده، يُقدّر عدد العاملين القارين في فرز النفايات بـنحو 80 شخصًا، فيما يتراوح عدد غير القارين بين 400 و500 شخص، معظمهم رجال بنسبة 77.1%، بينما لا تتجاوز نسبة النساء 22.9%. نصف هؤلاء تقريبًا لم يتجاوزوا المستوى الابتدائي في التعليم، وربعهم تتراوح أعمارهم بين 35 و49 سنة.
ورغم أن هذه المهنة توفّر مورد رزق لآلاف العائلات، إلا أنها تُمارس في ظروف غير إنسانية. تشير نتائج الدراسة إلى أن 80% من العاملين لا يستخدمون أقنعة واقية خلال العمل، مما يعرّضهم لمخاطر صحية مزمنة وأمراض تنفسية حادة. كما يعمل أغلبهم ما بين 8 و12 ساعة يوميًا في بيئة مليئة بالملوثات والروائح السامة.
من الجانب الاقتصادي، أظهرت البيانات أن 37% من المستجوبين ينفقون شهريًا ما بين 500 و750 دينارًا، بينما يبلغ إنفاق 27% منهم بين 1000 و1500 دينار، في مؤشر على هامش محدود من العائد المادي مقابل الجهد المبذول.
الباحثة في علم الاجتماع حنان الشابي وصفت واقع "البرباشة" في تونس بـ"المعقّد جدًا"، مشددةً على ضرورة دمجهم في الاستراتيجيات الوطنية لإدارة النفايات. وقالت: "لا يمكن التفكير في بناء اقتصاد دائري دون إشراك جامعي النفايات غير المرئيين، وتشخيص أوضاعهم بعمق سواء داخل المصبات أو خارجها."
في ظل استفحال البطالة وارتفاع نسب الفقر، تحوّلت هذه المهنة الهامشية إلى ملاذ للآلاف. وتشير تقديرات الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات إلى أن عدد العاملين في تثمين النفايات في تونس قد يصل إلى 10 آلاف شخص، يُسهمون فعليًا في إعادة تدوير نحو 200 ألف طن من النفايات المنزلية سنويًا.
ورغم هذا الدور المحوري، لا يزال "البرباشة" يعيشون على الهامش، في ظل غياب التشريعات التي تحميهم، أو برامج الإدماج التي تعترف بمساهمتهم في الاقتصاد الدائري والبيئي على حد سواء.