احتشد مئات التونسيين أمام المسرح البلدي بالعاصمة، يستقبلون قافلة الصمود المغاربية العائدة من ليبيا، بعد أن تعذّر عليها الوصول إلى معبر رفح إثر اعتراضها من قبل قوات الشرق الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومنعها من عبور منفذ السلوم نحو غزة الجريحة.
هتافات داعمة للمقاومة الفلسطينية صدحت في سماء العاصمة، وأعلام فلسطين وتونس والجزائر وليبيا تمايلت فوق رؤوس المحتشدين، بينما عادت القافلة التي حملت معها رسالة تضامن من شعوب المغرب العربي إلى شعب غزة المحاصر بالنار والجوع.
القافلة، التي كانت قد انطلقت من تونس في 9 جوان الجاري وعلى متنها أكثر من 1500 ناشط، قطعت مئات الكيلومترات برًّا عبر حافلات وسيارات، وكلها أمل في الوصول إلى غزة عبر الأراضي المصرية، احتجاجًا على استمرار الحصار وحرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023.
لكن الحلم اصطدم بجدار الواقع في مشارف سرت، حيث أُوقِف عدد من النشطاء بدعوى "عدم حيازتهم جوازات سفر سارية"، ليضطر المنظمون إلى التراجع نحو مصراتة، قبل أن يقرروا العودة إلى تونس إثر الإفراج عن آخر الموقوفين.
رغم العراقيل، لم تخفت جذوة التضامن. فمنذ دخول القافلة معبر رأس جدير الحدودي، حظيت باستقبالات شعبية حاشدة في مدنين، قابس وصفاقس، أظهرت مدى التحام الشارع المغاربي بالقضية الفلسطينية.
وفي كلمة مؤثرة أمام الجماهير، قال سيف أبو كشك، المتحدث باسم المسيرة العالمية نحو غزة: "ذهبنا بأجسادنا وقلوبنا من 80 دولة، لا لنشتكي من الاعتقال والتضييق، بل لنقول للعالم إن هناك شعبًا يُذبح يوميًا ولا أحد يسمع صرخاته".
عادت ليلة أمس، قافلة الصمود من دون أن تعبر إلى غزة، لكنها نجحت في إيصال الصوت، صوت شعب يرفض التطبيع، يرفض الصمت، ويؤمن بأن الطريق إلى فلسطين يمرّ عبر الوجدان الشعبي الحر، حتى وإن أغلقت المعابر وتكالب الطغاة.
وفي وقت تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية سحق المدنيين في القطاع، وسط تعتيم دولي وتجاهل للنداءات الإنسانية، تبقى هذه القافلة رمزًا لضميرٍ لا يموت، ولعهدٍ يتجدد: لن نترك غزة وحدها.