وطنية

ترند الكركم المضيء في تونس: تجربة ترفيهية أم فرصة للتعلّم

 في الآونة الأخيرة، اجتاح ما يُعرف بـ"ترند الكركم المضيء" منصات التواصل الاجتماعي في تونس، خاصة على تيك توك وإنستغرام. تجربة بسيطة ظاهريًا: كوب من الماء، رشة من الكركم، وضوء خلفي يخلق مشهدًا بصريًا يخطف الأنظار، حيث يتوهّج السائل بلون ذهبي دافئ وسط العتمة، في صورة أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.

لكن خلف هذا "السحر البصري"، تكمن ظواهر علمية مثيرة للفضول. إذ يعود السبب إلى تفاعل مادة الكركمين، المكوّن النشط في الكركم، مع الضوء، ما يؤدي إلى ظاهرة شبيهة بـالفلوريسنس (Fluorescence).
 ورغم أن السائل لا يُنتج ضوءًا فعليًا، إلا أن قدرة الكركم على عكس الضوء بطرق معينة تخلق خداعًا بصريًا يشبه التوهّج الذاتي.
وسرعان ما انتشرت هذه الظاهرة في المنطقة العربية، كما أوردت تقارير إعلامية مثل Gulf News، حيث تبنّتها العائلات كنوع من النشاط الترفيهي الآمن والبسيط، خصوصًا للأطفال. وصفها البعض بأنها "لحظة سحر عابرة" تكسر روتين اليوم، وتفتح أبواب التساؤل حول الظواهر الفيزيائية بطريقة ممتعة.
في تونس، تفاعل صنّاع المحتوى مع الظاهرة بتجارب مصورة وشروحات مبسطة، حوّلت الكركم من عنصر مطبخي إلى أداة تعليمية مرئية. البعض استغل هذه اللحظة لتقديم محتوى تربوي يتناول الضوء، الانعكاس، وخصائص المواد الطبيعية، في مزج بين الترفيه والمعرفة.
لكن في خضم الحماس، برزت تساؤلات حول البعد البيئي: هل يُعقل أن نستهلك الماء من أجل مشهد لا يتجاوز ثواني؟ في مصر مثلاً، انطلقت حملات تحث على الاستخدام الواعي للماء، حتى في محتوى الترفيه، في دعوة لموازنة المتعة بالحسّ البيئي.
وبين الاستخدام المنزلي للكركم في الطبخ، واستعماله اليوم في محتوى بصري علمي، يظهر هذا الترند كتقاطع مثير بين الثقافة اليومية، والفضول العلمي، والمتعة البصرية. ما يبدو في ظاهره محتوى ترفيهيًا عابرًا، قد يتحول إلى نافذة تعليمية مفتوحة، خاصة إذا حُسن توجيهه نحو غرس بذور التفكير العلمي في عقول الناشئة.
في زمن تهيمن عليه السرعة، يكشف "ترند الكركم المضيء" عن تعطّش مجتمعي لتجارب صغيرة تمنح لحظات دهشة، وعن إمكانية تحويل اللعب إلى معرفة، والمشهد العابر إلى سؤال طويل الأثر. فهل نُحسن تحويل الدهشة إلى وعي؟