وطنية

موجة حر بحرية غير مسبوقة تهدد سواحل تونس والنظام البيئي للمتوسط

 تشهد مياه البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك السواحل التونسية، موجة حر بحرية استثنائية، اعتبرها الخبراء الأخطر منذ سنوات، بسبب ما تحمله من تداعيات بيئية واقتصادية مقلقة.

وفي تصريح لإذاعة "موزاييك"، أكد المهندس البيئي والخبير في الشأن المناخي، حمدي حشاد، أنّ درجات حرارة مياه البحر تجاوزت في بعض المناطق الساحلية 31 درجة مئوية، أي بزيادة تصل إلى 3.4 درجات مئوية مقارنة بالمعدلات الطبيعية لهذا الوقت من السنة.
وأوضح حشاد أن هذا الارتفاع الحاد في درجات حرارة البحر يؤثر بشكل مباشر على التوازن البيئي البحري، مشيرًا إلى أنه تسبب في نفوق أعداد كبيرة من الأسماك، وساهم في تكاثر بعض الأنواع غير المرغوب فيها، على غرار "الحريقة"، التي تستفيد من هذه الظروف المناخية لتنتشر وتُهيمن على الفضاء البحري.
وأشار الخبير إلى أن الكائنات البحرية، تمامًا مثل الإنسان، تتأثر بظاهرة "الإجهاد الحراري"، مما يُضعف أداء أجهزتها الحيوية ويهدد تنوعها البيولوجي. كما لفت إلى أن أنواعًا حساسة مثل السردين والبوري باتت تهاجر نحو الأعماق بحثًا عن برودة المياه، وهو ما انعكس سلبًا على أنشطة الصيد الساحلي في تونس، وتسبب في تراجع المعروض وارتفاع الأسعار.
وفي ما يتعلق بتأثير هذا التغير على النظام البيئي البحري، حذر حشاد من الخطر الذي يتهدد الشعاب المرجانية، موضحًا أن هذه النظم البيئية الدقيقة تبدأ في الانهيار عندما ترتفع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة فقط فوق المعدل، فما بالك بزيادة تفوق 3 درجات.
وأكد أن ما تشهده المنطقة لا يُعدّ مجرد ظاهرة عابرة، بل هو مؤشر واضح على تغيّر مناخي شامل يعيد تشكيل البيئة البحرية في المتوسط، داعيًا إلى ضرورة دق ناقوس الخطر والتفكير في حلول عاجلة ومستدامة للتكيّف مع هذه التحولات، التي لا تهدد الطبيعة فحسب، بل تمتد آثارها إلى الاقتصاد وقطاع الصحة.
وختم حشاد حديثه محذرًا من أن سنة 2024 تُعد، حتى الآن، الأكثر حرارة في تاريخ القياسات المناخية الحديثة، ما قد يشكّل إنذارًا مبكرًا لما ينتظر العالم في السنوات المقبلة إذا لم تُتخذ إجراءات فورية وجدية على المستويين الوطني والدولي.