ثقافة و فن

صدور كتاب جديد لعلي البهلول: ''الإتيقا وأنطولوجيا الراهن''

 صدر مؤخرا عن دار الوسام للنشر  كتاب جديد تحت عنوان: الإتيقا وأنطولوجيا الراهن- مدخل لسياسات الإنسانية ومستقبل البشرية للباحث في الفلسفة الدكتور علي البهلول، تصدير د. بشير البعزاوي، وقد حاول فيه الباحث «الكشف عن الواقع المشتت الذي باتت تعيشه الإنسانية عامة والكينونة خاصة التي وضعت ضمن أزمة تتطلب عودة قوية إلى الفلسفي والإتيقي بالأساس بعد طغيان الأخلاقي والأخلاقويات على معيشنا اليومي وبات التبهيم مسارا ديمقراطيا يطغى على ماهو سياسي داخل الدول التي تزعم حماية الإنسانية باسم حقوق الإنسان في المواثيق المحلية والدولية، التي هي في الأصل مجرد ايديولوجيات وشعارات سالبة للحرية ولماهيتها غايتها "صناعة الموت والترفيع في الجثث وفي مضامين الوفيات"». 

هذا ويتساءل الدكتور علي البهلول في مقدمة كتابه: "فهل قدرنا اليوم أن نبقى ننتظر الهلاك؟ أم علينا أن نستبق فكر الأزمات لانتشال الكينونة من الألم وانتشال الإتيقا من الضياع وانتشال الكائن من الموت؟ هل قدر الفلسفة أن تبقى تحوم في ماهو ميتافيزيقي فقط أم عليها الانخراط في الإنساني انخراطا جوانيا يجعل منها المنقذ الأول والأخير للكينونة وتدبيرا لمستقبل البشرية تدبيرا إتيقيا بالأساس؟ ألم تفّكر الفلسفة منذ سقراط وأفلاطون في تدبير للحياة السياسية انطلاقا من الإتيقا عينها، وكيف يكون الفيلسوف على رأس المدينة منقذا ومبشّرا بولادة لوغوس الفلسفة، لوغوس الحرية والعدالة والجمال والخير الأسمى انطلاقا من الفضيلة؟"
النظر إلى سياسات الإنسانية حسب علي البهلول يفرض علينا كسهم فلسفي أن ندخل غمار الكينونة التي سلبت وباتت في مقام حرج لا من حيث الإقامة فقط، بل من حيث الفهم والادراك العيني لها ولكل من ما يحيط بنا، وكأننا إزاء فهم ملتبس لأنطولوجيتنا التي تتطلب وتتوجّب علينا أن نفهمها أولا من حيث الفهم وثانيا من حيث التعين الأنطولوجي والسياسي وصولا إلى ماهو إتيقي... 
هذا وفي تصديره للكتاب يقول الدكتور بشير البعزاوي أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية أن هذا العمل يتناول عبر ثلاثة فصول مترابطة، تُقارب العلاقة بين الإتيقا والسياسة والأنطولوجيا، من منظورٍ فلسفي نقدي يُعيد مساءلة "الإنساني" في صلب "سياسات الإنسانية".
في الفصل الأول: "في فلسفة الإتيقا وتدبير الحقيقة"، يُعيد المؤلف فتح ملف الإتيقا، بوصفها المدخل الحقيقي لفهم راهنية المأزق السياسي المعاصر، حيث يتمّ تسييسها باسم الدين أو الهوية أو التفوّق العرقي والعسكري.
يناقش هذا الفصل فعل الإتيقا، وقَسم أبقراط كعلامة فارقة في تاريخ العلاقة بين المعرفة والضمير، إلى جانب تحليلٍ لخطاب "الباريسيا" ومخاطر الكذب السياسي، بما يكشف عن كيفية اختزال الحقيقة في آليات النفوذ. أما الفصل الثاني: "أنطولوجيا الراهن وسياسات الإنسانية، أو في سلب الكينونة"، فيركّز على واقع "الإنسانية" في ظلّ الحروب الجديدة، سواء البيولوجية أو السيبرانية. كما يُعالج مسألة الجينوم البشري، والتحولات البيوتقنية التي تسعى إلى "صناعة إنسان جديد"، في مفترقٍ خطير بين تحسين النسل واليوجينيا.
ويناقش كذلك أزمة البيئة، وما يمكن تسميته بـ"تدمير هستيا" وصناعة الجوع، في ظلّ اقتصادٍ عالمي حوّل الحياة إلى معادلة استهلاك وإقصاء. 
وفي الفصل الثالث: "في جدلية السياسي والتكنولوجي: من الافتراضي والثقافي إلى أزمة المشترك"، يسلّط الكاتب الضوء على تلاقي السياسة والتكنولوجيا في زمن البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والثقافة الرقمية، حيث يبحث في العقلانية التكنولوجية كقوة سلطة، وفي تحوّل الفن والتربية من أدوات تحرير إلى أدوات تنميط ضمن نظام التفاهة.
كما ينتقل إلى تفكيك "العنصرية الجديدة" بوصفها تهديدًا للمشترك الإنساني، ليخلص إلى أن أزمة الثقافة ليست سوى مرآة لأزمة الكينونة.
د. علي البهلول، هو باحث في الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، متحصل على الدكتوراه في الفلسفة ببحث حول الأنطولوجي والسياسي في فلسفة أفلاطون (2024)، إلى جانب حصوله على شهادة الماجستير في علوم الإحصاء وتحليل البيانات الطبية بكلية الطب بصفاقس (2021).
له العديد من المشاركات ضمن ملتقيات علمية وطنية ودولية، وله بعض المقالات، وهو عضو بمخبر البحث في المقاربات البينيَّة والعبثقافيَّة في الفلسفة والفنون والعلوم الإنسانيَّة.