وطنية

بعد 4 سنوات من الصمت : المشيشي يروي تفاصيل ليلة 25 جويلية 2021

 في أول ظهور إعلامي له منذ 4 سنوات، خرج رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي، الثلاثاء 30 سبتمبر 2025، عن صمته متحدثًا عن إجراءات 25 جويلية 2021 التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد، واصفًا إياها بـ"الانقلاب بالمعنى السياسي والقانوني للكلمة".

وخلال حوار مطوّل على بودكاست "أثير"، روى المشيشي تفاصيل ما حدث يوم 25 جويلية، مبيّنًا أنّ "قيس سعيّد هيّأ الأجواء عبر خلق مناخات مشحونة، واستغلال أزمة كورونا لتأليب الرأي العام وتطبيع فكرة الانقلاب، من خلال رسائل وإشارات لم يكن يخفيها، لكننا لم نكن نتوقع ما جرى"، على حد قوله.
وكشف رئيس الحكومة السابق أنّ الاحتجاجات الشعبية في تلك الفترة كانت طبيعية، غير أنّها تعرّضت، حسب وصفه، إلى تضخيم عبر "ماكينة فيسبوكية ضخّت في الأوضاع وشيطنت الحكومة بأسلوب مسفّ، مع تضخيم خلافات البرلمان لإظهار صورة مصطنعة توحي بأزمة حادة".
وأوضح أنّ مساء 25 جويلية، دعا الرئيس قيس سعيّد "الصف الأول من القيادات الأمنية والعسكرية إلى اجتماع في قصر قرطاج دون أن يوجّه له الدعوة رسميًا"، مضيفًا أنه اتصل بسعيّد فأجابه بأن الاجتماع عادي وأن بإمكانه الحضور أيضًا، وهو ما وصفه المشيشي بـ"المخاتلة".
وسرد أنّه التقى الرئيس أولًا على انفراد فوجده "في حالة توتر هستيرية أقرب إلى الانفعال الشديد"، حيث أبلغه بقرار تجميد أعمال البرلمان وحلّ الحكومة، معتبرًا أنّ "اللحظة تتطلب رئيس حكومة جديدًا". عندها، أبدى المشيشي تخوفه من احتمال سفك الدماء، مذكّرًا سعيّد بأنّ ما يقوم به يُعد انقلابًا، وهو ما زاد في حدّة توتره، وفق شهادته.
وأفاد المشيشي أنّه بعد انتهاء اللقاء، تم منعه من المغادرة حيث "وُضع في قاعة تحت الحراسة في انتظار انتهاء اجتماع سعيّد مع القيادات الأمنية والعسكرية"، قبل أن يعلن الرئيس عن إجراءاته الاستثنائية. وأوضح أنّ التعليمات اللاحقة قضت بمرافقته إلى منزله ومنعه من العودة إلى مكتبه برئاسة الحكومة أو وزارة الداخلية، مشددًا على أنّه لم يتعرض لعنف جسدي بل لـ"عنف مؤسساتي هو الأخطر"، حسب تعبيره.
وعن تقييمه لما جرى، اعتبر أنّ الطبقة السياسية ساهمت في ترسيخ الانقلاب، إذ "سارعت أطراف إلى التطبيل والتصفيق لما حدث، متجاوزة حتى الرئيس سعيّد في خطابه، لا لشيء سوى نكاية في خصومها السياسيين وخاصة حركة النهضة".
أما بخصوص علاقته بسعيّد قبل 25 جويلية، فأكد أنّه حاول مرارًا مناقشته في ملفات أساسية مثل المحكمة الدستورية والاستثمار، لكن الرئيس كان دائم الانحراف بالنقاش نحو "مواضيع لغوية وتاريخية بعيدة عن جوهر المسائل"، وفق توصيفه، لافتًا إلى أنّه كان "يتابع بنفسه مسار بعض القضايا ويوجهها".
وبيّن المشيشي أنّه عاش بعد تلك الليلة "إقامة جبرية غير معلنة دامت نحو 4 أشهر"، حيث لم يغادر منزله إلا لمواعيد طبية تحت مرافقة الأمن الرئاسي، قبل أن تُخفّف الحراسة لاحقًا. وأضاف أنه غادر تونس في مارس 2022، غير أنّه احتُجز لساعات في المطار قبل السماح له بالمغادرة.
ويُذكر أنّ هشام المشيشي كان قد تولّى رئاسة الحكومة التونسية بين 2020 و2021 بقرار من الرئيس قيس سعيّد، قبل أن يُقال يوم 25 جويلية، ومنذ ذلك التاريخ التزم الصمت ولم يظهر إعلاميًا سواء في تونس أو خارجها.