اقتصاد

منظمة كوناكت: اختفاء 3000 شركة تونسية في ظرف سنة

 قّ فؤاد قديش، عضو منظمة كوناكت الدولية وعضو المكتب التنفيذي لكنفدرالية المؤسسات المواطِنة التونسية، ناقوس الخطر بشأن وضع التجارة الخارجية في تونس، كاشفًا أن من بين نحو 3500 شركة تجارة دولية تونسية، لم تُصرّح سوى 400 شركة فقط بنشاطها خلال سنة 2024، في حين اختفت أكثر من 3000 شركة أو اضطرت إلى نقل نشاطها وفتح فروع خارج البلاد.

وأوضح قديش، في تصريح لإذاعة إكسبراس، أن هذا النزيف يعكس أزمة عميقة تعيشها منظومة التصدير، رغم امتلاك تونس منتوجات استراتيجية قادرة على دعم الاقتصاد الوطني، على رأسها زيت الزيتون والدقلة، إضافة إلى منتوجات أخرى لا تقل قيمة مثل الهريسة التونسية والتّنّ، التي ما تزال دون الاستغلال المطلوب.
زيت الزيتون… ثروة بلا استراتيجية
واعتبر قديش أن زيت الزيتون منتوج استراتيجي بامتياز، خاصة في ظل الأرقام القياسية التي سجلها الإنتاج خلال الموسم الحالي، غير أن هذا النجاح الاصطناعي يصطدم بإشكاليات حقيقية، أبرزها ضعف التمويل، غياب تثمين الصابة، والتصدير دون قيمة مضافة.
ولفت إلى أن تونس تخوض منافسة غير متكافئة في السوق العالمية أمام عملاقين مثل إسبانيا وإيطاليا، في وقت يتم فيه تصدير الزيت التونسي أحيانًا عبر شركات أجنبية تحت علامة “صنع في تونس”، لكن دون مكاسب حقيقية للبلاد.
وبيّن أن نحو 80٪ من صادرات زيت الزيتون التونسي تُصدّر خامًا، معربًا عن طموحه في بلوغ نسبة تتراوح بين 30 و50٪ من الزيت المعلّب، لما يمثّله هذا التوجه من خلق للعملة الصعبة، وتشغيل لليد العاملة، وبناء لقيمة مضافة حقيقية، وهو ما يبقى، حسب قوله، رهين استراتيجية وطنية واضحة ما تزال غائبة.
منافسون مدعومون… ومصدّر تونسي مُقيّد
وأشار قديش إلى أن المصدّرين في الدول المنافسة يتمتعون بحوافز وامتيازات مشجعة، في حين يواجه المصدّر التونسي صعوبات خانقة في التمويل وقيودًا تعيق حسن التصرّف في المنتوج، ما يحدّ من قدرته التنافسية.
ووصف الوضع التصديري في تونس بـ"المزري"، خاصة في ظل غياب قانون صرف عصري يمنح المصدرين الثقة والمرونة، معتبرًا أن العديد من الفرص تضيع بسبب مناخ تشريعي منفّر وخطاب غير مطمئن.
مراجعة الدعم… وإصلاح عاجل
ودعا قديش إلى مراجعة سياسة الدعم عبر الترفيع في دعم زيت الزيتون مقابل تقليص دعم الزيوت النباتية المستوردة، مذكّرًا بأن هذه الأخيرة أغلى سعرًا وأقل جودة صحية مقارنة بزيت الزيتون التونسي.
كما شدّد على ضرورة إحداث مجلس أعلى للتصدير، وسنّ قانون صرف جديد، وتوفير تسهيلات حقيقية للمصدّرين، مع القطع النهائي مع القوانين البالية وعلى رأسها القانون عدد 72.
وختم قديش بالتأكيد على أن المصدّر التونسي يجب أن يُعامل كـ"جندي من جنود البلاد"، داعيًا إلى دعمه وتحفيزه لا خنقه بالبيروقراطية، محذرًا من أن استمرار الوضع على حاله يعني مزيدًا من هروب الشركات وخسارة الأسواق.