اِستأنفت أيام قرطاج السينمائية فعالياتها في أول أيام العروض على إثر الحفلة الاِفتتاحية يوم 4 نوفمبر و الممتدة إلى غاية يوم 11 من نفس الشهر.
حيث خصصت قاعة الكوليزي لاحتضان حفلة الافتتاح مع وصلها بنزل افريقيا بواسطة البساط الأحمر ليكون صراطا فلكلوريا تستعرض عليه النجمات فساتينهن للجماهير المتعطشة للمظهر دون المضمون و من أهم ما وقع هو ما لم يحدث حيث أنه لم يسقط أحد منهم إلى حد اللحظة على غرار حوادث السقوط على البساط الأحمر في اختتام الدورة السابقة.
هذا و قد أشاد عدد من الحضور سواء من الفنانين أو الصحافيين و حتى من عموم الروّاد بالجانب التنظيمي للدورة الثامنة و العشرين الذي لاقى اِستحسانهم مقارنة بالدورة الماضية للمهرجان.
و عبر الممثل التونسي توفيق البحري في تصريح لـ"ارابسك" بقوله " بقدر ما باشرت مهرجان أيام قرطاج السينمائية فإن هذه الدورة هي الأحسن على الإطلاق في ما يخص الجانب التنظيمي سواء خارج أو داخل قاعة الكوليزي كما دعى إلى ضرورة الالتفاف أكثر حول الممثل و الفنان عموما في إطار مجابهة ظاهرة وجود الغرباء المتطفلين على مجال السينما خاصة و أن الممثل التونسي له مكانة خاصة في ذاكرة العاطفة الجماعية للمتقبل "
سجّل أول أيام الدورة حضور قوي لدول شمال إفريقيا إذ عُرضت مجموعة من الأفلام الطويلة و القصيرة من دول مصر و المغرب و تونس إلا أن التنوع الجغرافي لجنسيات الأفلام المشاركة على مدى المهرجان يمتد إلى أصقاع العالم أجمع.
و عن سؤالنا ما إذا تُستساغ الأفلام "الحديثة" التي تتركز في أداء تصورها على الإكليشيات و الرّمز و الغموض خاصة و أنه في الجهة المقابلة قد تسقط الرمزية في التأويلات الخاطئة أو في عدم الفهم أساسا رد الناقد المصري جمال عبد الناصر موضحا أن " السينما المصرية حاليا منقسمة إلى نوعين , بين السينما التجارية المُراد بها تحقيق الإرادات على حساب ردود الفعل مثل ما ينتهجه السبكي و بين الأفلام المُنتَجة من قِبل شباب و شركات خاصة تهتم أكثر بتقديم أفكار نوعية و سينما مختلفة على غرار فيلم " أخضر يابس " المشارك في دورة المهرجان لمخرجه محمد حماد و الذي ينتهج سياسة الأفلام ذات المضمون الرمزي بعدم ضرورة وجود تسلسل درامي و خيط ناظم لإبلاغ الفكرة أو الرسالة ".
و تدور أحداث فيلم " أخضر يابس " عن معاناة فتيات الطبقة المتوسطة و الفقيرة بخصوص تأخر سن الزواج و مداهمة سن اليأس لهن و التحولات النفسية التي تعيشها الفتاة إبان ما تعيشه من ضغوطات مجتمعية.
كما تم عرض فيلم تونسي طويل من بطولة مغني الراب محمد امين حمزاوي يتناول مراوحة بين وضعية العمال في تونس و في فرنسا التي تتشابه ملابساتهما مع أفضلية نسبية بخصوص الجانب الفرنسي مما جعل الشاب التونسي الذي لم يقدر على بلوغ أدنى مستويات العيش الكريم يقرر الهجرة إلى فرنسا بطريقة غير شرعية عبر الاختباء في شاحنة لنقل مواد معدة للتصدير .
كما شاركت السينغال و الكاميرون و غيرهما من الدول الإفريقية و من المنتظر في قادم الأيام عرض أفلام أخرى من المدارس الآسيوية و اللاتينية فضلا أن السينما الأرجنتينية تمثل ضيفة شرف خلال هذه الدورة.
أما في خصوص تردد الجماهير على قاعات العروض فإن حضور العموم بنسب عالية أصبح رافدا أساسيا لمهرجان أيام قرطاج السينمائية في السنوات الأخيرة كذلك هذه السنة لم تكن في غنى عن ظاهرة الإقبال الغفير .
و نرجو أن يمثل هذا النوع من التظاهرات المتواترة دفعا لتطوير المجال السينمائي التونسي خاصة و الثقافي عموما في جانبي الإنتاج و التفاف الجماهير حولها بالتزامن كذلك مع انطلاق المشروع الضخم مدينة الثقافة ليكون مشروعا ماديا في البنية التحتية و معنويا في البنية الفكرية.
امير وسلاتي