آراء

'سوبيتاكس' : فيلم يعري الحرب غير المعلنة على الانسان في الاحياء المفقرة

 عندما تكون فنانا عضويا تنبت لك جذور في الواقع حتى وان حلقت باجنحة السينما نحو افق ارحب وتكون قادرا على تجاوز مرحلة "استنساخ "الواقع استنساخا مقيتا لتغوص في عمق الحكاية وهذه هي حالة نصرالدين السهيلي الفنية التي برزت من خلال افلام عديدة سابقة "مر وصبر" و "بوطليس" والشاق واق..وها هو الان يلتحم بواقعه في قصة فنية جديدة اسمها "سوبيتاكس" او "لقشة من الدنيا" 

انها سينما التدخل في الواقع الاجتماعي .. سينما "الاندر قروند" التي تعصف بكل مساحيق التجميل للكذب على الواقع .. سينما الان وهنا ,, مامشكلة الشباب المفقر المهمش الان؟ الاقراص المخدرة التى تحول الانسان الى "زومبي" وحش مخيف يحترف العنف والادمان ..تغوص كاميرا نصرالدين في عمق الاحياء الشعبية وتسرب الاحاسيس وتعبر عن علاقات انسانية عظيمة بين المدمنين رغم الحرب المقامة هناك ضدهم حرب الفقر والجوع والتهميش ,, عندما يكون المخرج سينمائي مرهف الاحساس وواعيا بامكانه صنع عالم فني يطرح اكثر العلاقات الخلافية اجتماعيا مثل موضوع المثلية الجنسية ويبسط الموضوع بدقة متناهية ,,يبرز الفيلم العواقب الوخيمة لتعاطي المخدرات وخطر العدوى الفيروسية عبر الابر المستعملة وتعترف الشخصيات ان الهروب نحو المخدر عمق مشاكلها ولم يشكل الحل البتة وتعبر عن ندمها ,, فيلم وثائقي تابع حياة الشخصيات الحقيقية فيه على مدى خمس سنوات اعتمد تقنية المونتاج الذكي حمال المعاني وباث المشاعر ,, 
الفيلم موجع و صادم هذا حقيقي لكنه ليس اكثر بذاءة من الواقع الذي يكتوي بناره شباب الاحياء الشعبية من الهامش يقول نصرالدين السهيلي "اغفروا للهامش الادمان والعنف والبذاءة فالمركز اشد بذاءة" لان المركز اي الدولة مسؤولة عن ضياع المراهقين وانسداد الافاق وضياع الاحلام 
في هذه الاحياء الخلفية العفنة حيث ينتشر الذباب فتشعر بالغثيان ..
واذا كان جون بول سارتر قد كتب رواية "اغثيان" ومسرحية "الذباب" لتعرية معنى الوجود والانتصار لانسانية الانسان فان "سوبيتاكس" تعري الوجه المظلم لاحياء الشعبية حيث حيث يعيش حياة لا انسانية تشع نقطة ضوء هي العلاقات الانسانية الصادقة حيث يحمل الضحايا بعضهم بعضا على منهج درويش الذي قال
‏حاصر حصارك لامفر
اضرب عدوك لا مفر
سقطت ذراعك فالتقطها
وسقطت قربك فالتقطني
واضرب عدوك بي
فأنت الآن حرٌّ وحرٌّ وحُرّ !
حاصر حصارك
بالجنون و بالجنون
ذهب الذين تحبهم
نعم ... ذهبوا
فإما أن تكون أو لا تكون
فيلم "لقشة من الدنيا" بوابة من لا يعرف عوالم خفية عن حياة مدمني الاقراص المخدرة و ضمير المدمن او من هو قريب منه 
فيلم جماهيري يشد التونسي مهما كانت طبقته الاجتماعية اما من باب الفضول او من باب كونه يعبر عنه بصدق بعيدا عن الكذب والزيف
 
وفاء الهمامي