بعد غياب دام لمدة 3 سنوات عن الدراما التلفزية تطل الممثلة سهير بن عمارة على المشاهدين عبر الشاشة الصغيرة من خلال مسلسل ''الفوندو'' مع المخرجة سوسن الجمني على قناة الحوار التونسي.
و في حوار مع ارابسك تحدثت سهير بن عمار عن أعمالها في السينما و المسرح و التلفزة و عن مواقفها..
بعد غياب لمدة 3 سنوات عن الدراما التونسية ، هذا العام لك عودة بمسلسل "فوندو" حدثينا عن هذا العمل و ما الذي جعلك تختارين العودة عبر هذا المسلسل بالذات ؟
الحقيقة منذ 3 سنوات توقفت عن العمل في الدراما بإختيار مني أردت ان أقوم بوقفة "تأمل" و الإبتعاد ، لأنه هناك فرق بين ان تكون وسط "الماكينة" و ان تكون مشاهدا من الخارج ، في هذه الوقفة رأيت التطور الحاصل في المشهد و التوجه العام للقنوات التلفزية و قيمة الأعمال التي يتم تمريرها ، لا شك انه هناك حركة كبيرة في الـ3 سنوات الأخيرة هناك جيل جديد من المخرجين منهم سوسن الجمني مخرجة الجزء الأخير من مسلسل "أولاد مفيدة" ، و أنا معجبة بعملها و إحساسها .
هذا العام اتصلت بي و اقترحت علي دور في مسلسلها الجديد "فوندو" و قرأت السيناريو و الشخصية المقترحة ، أعجبت بها خاصة و ان هذا الدور جديد لم ألعب مثله في السابق و إقتنعت به و من الممكن أن يمثل إضافة لي في مسيرتي ، فضلا عن عامل الثقة الموجود بيني و بين سوسن الجمني لأنها ببساطة تعرف ماذا تريد و عن ماذا تبحث و بالتواصل مع بعضنا البعض حصل تفاهم بيننا.
مسلسل ''فوندو' متكون من 20 حلقة تدور أحداثه حول شخصية محورية "يحيى" و التي سيتقمصها الممثل نضال السعدي و ستجمعني به علاقة ، عرضه سيكون في الجزء الأول من شهر رمضان على قناة الحوار التونسي ،مع مجموعة من النجوم على غرار رؤوف بن عمر و نعيمة الجاني ، أميرة الشبلي ، كمال التواتي و مغني الراب "نوردو".
رغم الجائحة إلا انه لديك نشاط فني بين مسرح و سينما و دراما تلفزية ، هل تحدثينا على تجربة مسرحية "ربع الوقت" و ماذا أضافت لك هذه التجربة ؟
أشعر بسعادة كبيرة و فخر و استمتاع بهاته التجربة لأنها تجربة إستثنائية على مستوى حياتي الشخصية و الفنية و الإنسانية ، كان لدى تجربة سابقة في مسرحية "تونس" سنة 2015 منذ ذلك الوقت لم أصعد على الركح خاصة و أنني لست إبنة "المسرح" قادمة من السينما تكويني سينمائي و تكونت مع مخرجي أفلام ، بالنسبة لي التجربة الأولى "مسيت بها شوية الركح" لكن للأسف المسرحية توقفت لأسباب إنتاجية ، و منذ ذلك الوقت إكتشفت ان المسرح فيه إرتباط و عطاء كبيران سواء من وقتك ، المسرح يتطلب إعداد قبل 6 أو 8 أشهر و تفرغ تام و يجب ان يكون لديك هاجس وحيد ألا و هو المسرحية و الشخصية من الصباح الى المساء ، إضافة الى إنضباط في المواعيد و حضور ذهني و فكري كبير ،من الصعب ان تعتلي الخشبة .
و بالنسبة للعمل الجديد "ربع الوقت" إتصلت بي مخرجة المسرحية سيرين قنون و إقترحت علي الدور و عندما تقابلنا وجدت إمرأة متمكنة "بنت مسرح" ملمة بكل ما يخص العمل المسرحي و منضبطة و تحدثنا عن الفكرة و توجهها و من أين جاءت و عن تجربتها الشخصية في النوادي الغنائية و إلى ماذا تريد ان تصل ، الحقيقة أحسست براحة كبيرة الأمر الذي دفعني الى العودة الى المسرح ّإضافة الى ان العام الماضي كان صعبا بالنسبة إلينا كفنانين، اعتبرت ان هذا مشروع لمقاومة الظروف و المهم المواصلة في العمل و الإبداع و رغم الصعوبات الكثيرة و التحديات الخارجية التي واجهناها حيث كان من الممكن ان نكمل العمل و لا يتم عرضه بسبب الفضاءات الثقافية التي كانت مغلقة و منع التظاهرات الثقافية قبل ان يتم السماح بالعودة للأنشطة الثقافية، أعتبر ان مواصلة العمل كان بدافع الحب للفن و الابداع و دفاعا عنه رغم الظروف.
بالنسبة للتصنيفات بين المسرح و السينما و الدراما التلفزية انا ضدها و ضد أي تصنيف ، بالنسبة إلي الممثل ممثل سواء في التلفزة و إلا المسرح أو السينما ، لكن المسرح أصعب لأن المسرح لا يجامل ، الممثل أمام خيارين لا ثالث لهما أمام الخشبة ، القبول أو اللفظ على عكس السينما و التلفزة حيث من الممكن ان نجلب ممثلين متوسطين مع الاخراج و التقنيات و التعديلات فيصبح ممثل عظيم لكن في المسرح "يا عندك و إلا ما عندكش".
و طريقة العمل في المسرح مختلفة كثيرا عن السينما و الذي اضافه المسرح لي هو الحضور الكلي و طريقة الاستعداد كممثل فكريا و جسديا و روحيا و علميا الى اللحظة المقدسة التي ستقوم فيها بالآداء ، الفترة التي تسبق العرض هي مهمة جدا أيضا خلال رحلة بحث الممثل عن الشخصية و تقمص الشخصية الى ان تصبح هي من تقودك و "معادش انت تلوج عليها"هذه الطريقة لا تعلمها السينما.
بالنسبة لفريق المسرحية لا أحبذ وصف "فريق" هي عائلة لأنه هناك حب يجمعنا للعمل الذي نقوم به و حكايتنا الشخصية و هواجسنا و "دنيانا" الكل نتشاركها مع بعضنا ، و أصعب شيء في المسرح هو تكوين هذه العائلة و كيف ستكونها ، و من حسن حظي وجدت هذه العائلة مع أنا في غاية السعادة في مشاركة ممثلات كبيرات القلب و رائعات مثل شاكرة رماح ، أميمة المحرزي ، ريم الحمروني ، ريم حداد ، بسمة البعزاوي ، أتمنى للمسرحية كل النجاح لأنها تستحق و أنتظر لقاء مع الجمهور و أدعو أحباء المسرح لمشاهدتنا لأننا قمنا بهذا العمل بحب و صدق و في إنتظار ردود الفعل.
هناك شبه إجماع على موهبتك الفنية في بنات جيلك ، هل تعتقدين ان بقائك في تونس ظلمك فنيا و فوت عليك الإنتشار العربي الذي أغلب الممثلات تطمحن إليه؟
أن أكون نجمة ليس من طموحي أنا عكس النجومية أنا إمرأة هادئة و بسيطة لا أريد الظهور كثيرا ، أطمح إلى أن أكون فنانة و يكون لدي تاريخ فني هذا حلمي ،يكون لدي أعمال ذات قيمة فنية و جمالية كبيرة و ليس أن أكون منتشرة عربيا و في جعبتي أعمال عادية أو موجهة للإستهلاك أو حتى فاشلة.
أحاول على قدر إستطاعتي ان أصنع تاريخ و مسيرة ، أنا إنسانة تتعلم كل من لقاءاتها ، أحب ان يدافع عني عملي و منطق النجومية ليس أمرا مطلوبا ، "كان جات تجي بطبيعتها و كان تتعرف تتعرف بخدمتك".
أظن أنه لو هاجرت من الممكن ان اكون نجمة عربية كبيرة و سيكون لدي أعمال لكنها ليست في قيمة أعمال الفنية في تونس . أنا سعيدةبمسيرتي رغم كل شي كنت متواجدة في اعمال سينمائية مهمة فسحت لي المجال للذهاب إلى مهرجانات عربية و عالمية كبيرة ، عرفتني بأصدقاء من العالم من منتجين و مخرجين و ممثلين .
فخورة بالأعمال الفنية التونسية المسرحية و السينمائية لأن لديها قمية فنية كبيرة في الخارج و يتم الاشادة بها من النقاد العرب ، السينما التونسية كل عام تسجل حضورها في أضخم المهرجانات من "كان" الى مراكش الى الأوسكار..
أعتبر نفسي إخترت الطريق الأصعب لأن النجومية تفتح باب خاصة من الناحية المادية لانه لا مقارنة بين الأجور في الخارج و اجور الممثلين في تونس ، أحاول للوصول لصناعة تاريخ ذا قيمة فنية "و نوصل نهار يقولوا فنانة كبيرة".
كنت بطلة فيلم مع نجيب بالقاضي ، حدثينا على الفيلم و هل سيرى النور قريبا ؟
الفيلم مع نجيب بالقاضي اعتبره فيلما استثنائيا لأنه تم تصويره في الحجر الصحي و مع بداية إنتشار جائحة كورونا و كانت هناك حالة من الهلع و الخوف و الهيستيريا الجماعية ، على المستوى المحلي و العالمي ، مررنا بحالة نفسية صعبة و عشنا و قاومنا لأن الانسان دائما ما يحاول التأقلم لكن ان تواجه الموت فالأمر صعب خاصة ان المعلومات حول المرض كانت شحيحة .
نجيب بالقاضي أراد توثيق اللحظة و استغلالها ، الآن و هنا لأن فكرة الفيلم لا تؤجل و لا تستطيع العمل عليها لاحقا ، عملنا مع فريق لم يتعدى العشرة أشخاص بما فيهم الإنتاج و التقنيين، الفيلم يتحدث حول زوجين في الحجر الصحي و التدرج في حالاتهما و تأثرهما بالظروف الخارجية و القلق الذي يسيطر على حياتهما في ذلك الوقت ، خاصة و ان الزوج يعاني من مشاكل نفسية ، الإثنان يتعرضان لضغط الجائحة و تسيطر المشاكل على علاقتهما تأثرا بالعوامل الخارجية ، اضافة الى انه سنرى في الفيلم عالمهم الداخلي.
الفيلم تم تصويره بطريقة خاصة حدا من الناحية التقنية و الانتاجية ، هو مغامرة لأنه تم انتاجه بدون دعم و مع فريق صغير لذلك لم يرى الى حد الآن النور.
و بالنسبة لنجيب بالقاضي أكن له كل مشاعر الحب و الاحترام على المستوى الشخصي لأنه شخص إستثنائي ، تجمعنا العديد من النقاط المشتركة خاصة من الناحية الإنسانية و هذا الأمر يجعلني أشعر بجو عائلي في العمل معه ، و هذا الفيلم أحبه كثيرا و جاء في ظروف إستثنائية على الصعيد الشخصي و الانساني.
العديد الفنانين يرفضون الخوض في الشأن العام ، لكن سهير بن عمارة تتفاعل مع مختلف القضايا السياسية و الاجتماعية المطروحة و آرائك التي تعبرين عنها خاصة فيما يتعلق بالحريات الفردية ، لا تخشين من تأثير آرائك على علاقتك بجمهورك؟ و نظرتهم إليك ؟ و هل تعتبرين أن الفنان مطالب بالتعبير عن آرائه ؟
أنا لا أنتمي الى أي حزب و ليس لدي ميل إلى أي حزب خاصة الاحزاب التي تتناحر حاليا في الساحة السياسية و هذا أمر مؤسف بالنسبة لي كمواطنة و "يتعبني و يخوفني" ، الوضع الذي تعيشه تونس صعب و سيء جدا و غير مطمئن و "احنا خايفين على بلادنا الي عايشين فيها و ما عناش بلاد اخرى نعيشو فيها".
انا كإنسانة أدافع عن القيم الإنسانية الكونية التي تتمثل في المساواة ، العدالة ، الحرية ، لا أستطيع كإنسانة أن أوافق على سجن شخص لأنه مارس حريته على أمر "حميمي" يخصه هو فقط و لم يرتكب اي جرم يستحق العقاب ، بالنسبة لي الحريات الفردية قضايا إنسانية و ليست سياسية و لا أقبل الزج بأشخاص في السجن ظلما و بهتانا بسبب ممارسة حقوقه و ليس من أجل جريمة .
أنا كمواطنة لا أستطيع غض البصر عن كل ما يحدث في بلادنا " وقت الى تشوف بلادك تنهار كل يوم تطيح لقشة من السقف ما تنجمش تكون محايد و تسكت".
و أنا كفنانة مهم جدا أن أعبر عن رأيي لأنني أحمل نفس هموم الناس التي أتقاسم معها هذا الوطن و من جميع المستويات الإجتماعية ، نحمل نفس المعاناة ، و أعتبر هذا مسؤولية طبعا أراقب نفسي على مواقع التواصل الاجتماعي أتفاعل بإحترام "إذا كان حاجة ما عجبتنيش نعبر عليها و إذا حاجة تقلقني كمواطنة مثل فضائح البرلمان و إلا تسببلي خوف نعبر عليها ما نجمش نكون منقطعة عن الواقع "، نحن نستمد مواضيعنا و حكايتنا من واقعنا .
مهم جدا ان يعبر الفنان عن رأييه لأنه هناك عدد كبير من الناس "يتبعونا" و أتحمل مسؤوليتي على ما أنشره أو أقوله و مهم جدا أن أنشر حتى لو جزء بسيط من الأشياء التي أحبها و أراهم عادلين و صالحين بالنسبة لي هذه مهمة.
أحلام شرميطي