ثقافة و فن

حــوماني تتغلغل في اللغة العامية و الخطابات السياسية

 بؤس قاتل، فقر خانق، وحرمان مضن متمازج مع ابتسامة راضية اجتمعوا في اغنية الراب الحدث "حوماني" التي سرعان ما تحولت من اغنية عادية الى ظاهرة فنية اجتاحت الشوارع التونسية وعانقت افكار التونسي واستعمرت عقله بجميع فئاته واستطاعت في فترة اقل من وجيزة تقارب 3 اشهر ان تحقق 5 ملايين مشاهدة على اليوتيوب والرقم قابل للتغيير.

فقد ترجم محمد امين حمزاوي وكافون حياة الاحياء البائسة في كلمات اقرب ما يكون الى التونسي حيث تم تصوير الاغنية في شوارع مدينة اريانة .
والجدير بالذكر ان شوارع الاغنية هي نفسها الشوارع التي نشأ وترعرع فيها حمزاوي الذي تمكن مع كافون بإمكانيات بسيطة نقل معاناة الاحياء الشعبية في لقطات اعتبرت ثورة بكل المقاييس على الواقع التونسي المجحف الذي دفع خبرات الى مواصلة التعليم في الخارج ورجال اعمال الى الاستثمار خارجا والعاطلين الى الهجرة غير الشرعية والاهم من ذلك هو تزامن نزول الاغنية الى الساحة الفنية في الوقت الاكثر مناسبة بكلمات تواسي الشعب وتعبر عن ما عجز عن البوح به مع الازمة الشاملة وخاصة منها الاقتصادية التي ازعجت فئة كبيرة من المجتمع و افقدته معنى الامل ولذة الحلم و ادخلته في دوامة الهبات والاقتراض وزيادة الاسعار ربما ذلك ما حفز انتشار الاغنية . 
وعكس المعتاد، ان البشر يتأقلمون مع الفقر ويصبح جزءا منهم فلا يلاحظون عمق تأثيره فيهم ولا استبداد الحكام الا عندما يسافر احدهم الى بعض الاماكن المترفة ليرى انهم يعيشون "كي الزبلة في البوبالة" ويحسون تخمة بطون المستبدين التي تعج بها حاويات قمامتهم وبيوتهم وسيارتهم، فان حوماني قد كشفت ذلك دون اللجوء الى كل هذا .
كما لا يفوت ان حوماني استعمرت كل الفضاءات فأينما تولي وجهك تسمع "هوني تاكل البايت هوني تاكل البشماط" على غرار المطاعم و المقاهي و السيارات واخترقت ايضا كل تعليقات مواقع التواصل الاجتماعية حيث اصبحت كلماتها ملجأ كل من اراد ان يعبر حاله وتغلغلت ايضا في الحياة السياسية ليستنجد بها السياسيون في حواراتهم في حواراتهم على غرار نائبة رئيس المجلس التاسيسي محرزية العبيدي والشيخ فريد الباجي اضافة الى انضمام كلمات الاغنية الى اللهجة العامية للشعب لتصبح جزءا منها.
حنان جابلي