تلقّى الوسط الثقافي والأدبي العربي، والتونسي بشكل خاص، نبأ وفاة الروائي والأديب الكبير حسونة المصباحي، أحد أبرز الأصوات الأدبية التي بصمت الساحة الثقافية العربية برواياتها العميقة ونصوصها الإنسانية.
الراحل من مواليد 2 أكتوبر 1950 في مدينة العلا بولاية القيروان، وقد كرس حياته للإبداع الأدبي والعمل الصحفي، وكتب في مختلف الأجناس: القصة القصيرة، الرواية، الشعر، النقد، الترجمة، واليوميات، وترك خلفه إرثًا غنيًا يتجاوز حدود بلده إلى آفاق الثقافة العالمية.
تميّز الراحل بحضوره البارز في المشهد الأدبي، حيث جمع بين كتابة الشعر والمقالة والقصة والرواية والنقد، كما ترجم عشرات النصوص من الفرنسية إلى العربية، وأسهم بفعالية في إثراء الحياة الثقافية التونسية والعربية، عبر مشاركته في مهرجانات وملتقيات أدبية دولية، وعضويته في اتحاد الكتّاب التونسيين.
من أبرز أعماله:
ثلاث مجموعات قصصية، منها: "حكاية جنون ابنة عمي هنية"، "نوارة الدفلى"، و"ليلة الغرباء"
أكثر من عشر روايات نالت استحسان النقاد والقراء، من بينها: "هلوسات ترشيش", "الآخرون", "وداعًا روزالي", "لا نسبح في النهر مرتين", "غربان الفجر وأبناء الفرح الكبير", "أشواك وياسمين", "يتيم الدهر"، و"ليلة حديقة الشتاء".
ترجم إلى العربية مؤلفات مهمة، منها: "أصوات مراكش" لإلياس كانيتي و*"قصص للأطفال"* لجاك بيرفير.
تكريماته:
نال الراحل عدة جوائز مرموقة، أبرزها:
جائزة وزارة الثقافة التونسية للقصة القصيرة (1986).
جائزة "محمد زفزاف" للرواية العربية (2016).
جائزة "ابن بطوطة لأدب الرحلة" (2024) عن كتابه "أيام في إسطنبول".
وقد عُرف المصباحي بدقة رصده للواقع التونسي وتحولاته، وبتعبيره الصادق عن الإنسان المهمّش والمنسي. وصفه الأديب المصري يوسف إدريس ذات يوم قائلاً:
"يكفي أن تقرأ قصة واحدة لحسونة المصباحي لتعرف كيف يعيش الإنسان التونسي، كيف يفكر، وما هي حكايته، كما لو أنك عشت في تونس عشرات السنين."
برحيل حسونة المصباحي، تفقد الساحة الأدبية أحد أبرز رموزها، ويفقد القلم العربي صوتًا صادقًا، حاد البصيرة، عميق الإحساس، متجذرًا في أرضه، منفتحًا على العالم.
نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وتونس الجميلة الصبر والسلوان.