ثقافة و فن

حفل سانت ليفانت في قرطاج بين تصفيق الآلاف واتهامات بـ''الركح المستباح''

 شهد ركح مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ59، ليلة الاثنين 5 أوت 2025، حضورًا جماهيريًا غفيرًا في حفل الفنان الفلسطيني سانت ليفانت، الذي أثار موجة واسعة من الجدل بين من اعتبره "تجربة موسيقية حيّة وملهمة" ومن رأى فيه "خرقًا لمعايير قرطاج الفنية".

في مشهد طغى عليه الحماس الشبابي، توافد الآلاف على المسرح الأثري، رافعين أعلام فلسطين وتونس والجزائر، ومتوشحين بالكوفية، في مشهد طغت عليه الشعارات التضامنية مع القضية الفلسطينية، أبرزها هتاف "Free… Free Palestine" الذي رافق الحفل منذ لحظاته الأولى.
لكن خلف هذا الزخم الشعبي، انطلقت موجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أوساط عدد من الإعلاميين والفنانين التونسيين، الذين تساءلوا عن القيمة الفنية للعرض، ومدى أهليته للوقوف على ركح مهرجان بحجم قرطاج.
واعتبر كل من سمير الوافي و محمد الخماسي وهالة الذوادي أن استخدام سانت ليفانت للقضية الفلسطينية لا يجب أن يكون "غطاءً لفقر فني"، مشددين على أن قرطاج بحاجة إلى برمجة فنية تحافظ على قيمته الرمزية والتاريخية، دون التخلي عن هويته التونسية.
الانتقادات طالت أيضًا بعض استخدامات سانت ليفانت للهجة التونسية في أدائه، والتي وُصفت بـ"السطحية" أو "المصطنعة"، فيما رأى آخرون أن ربط القضايا السياسية بالعرض لا يمكن أن يعوّض عن غياب عمق موسيقي أو حضور ركحي قوي.
من جهة أخرى، دافع البعض عن العرض باعتباره مزجًا فنيًا مبتكرًا، جمع بين الراب، الدبكة، الفلامنكو، والغناء العربي، وقدّم خلاله الفنان أغانٍ من ألبوميه "رسائل حب" و"ديرة"، ناقلاً رسائل عن الحب، المقاومة، والمنفى.
وقد خلّد سانت ليفانت لحظة استثنائية خلال أدائه، حين رفع العلمين التونسي والجزائري خلال أغنية مهداة للجزائر، في مشهد تفاعل معه الجمهور بحرارة، وأعطى العرض نفَسًا سياسيًا وإنسانيًا يعكس ارتباط الفن بالقضية والذاكرة الجماعية.
وبين من يرى في الحفل تجربة فنية جديدة ومؤثرة، ومن ينتقد ما اعتبره تنازلاً عن الجودة الفنية، يبقى حفل سانت ليفانت في قرطاج نموذجًا للانقسام الثقافي بين الحداثة والتقاليد، بين جماهيرية الفن وجدلية المعايير.