تشهد العديد من المهرجانات الفنية في تونس وخارجها جدلاً متزايداً حول ظاهرة صعود الجمهور إلى الركح مع الفنانين أثناء العروض الحية، وهو أمر يثير نقاشات واسعة بين المتابعين، منظمي المهرجانات، وأجهزة الأمن.
حدث ذلك مساء أمس على ركح مهرجان صفاقس الدولي، عندما دعا الفنان نوردو قوات الأمن للسماح لطفلة صغيرة بالصعود إلى الركح معه بعد إصرارها على المشاركة في العرض.
هذه اللحظة التي اتسمت بالعاطفة والحميمية بين الفنان وجمهوره، تعكس جانباً إيجابياً من العلاقة الإنسانية بين الفنان والمتلقي. ومع ذلك، يبقى هذا التصرف محل جدل، خاصة عندما يؤدي صعود الجمهور إلى تجاوزات أمنية وفوضى، كما حدث في حفل الفنان كازو، حيث تسبب صعود عدد من الحضور إلى الركح في نشوب مناوشات واضطرابات مزعجة أفسدت أجواء الحفل.
تكمن خطورة هذه الظاهرة في الحوادث التي شهدتها عدة مهرجانات، حيث لم يعد صعود الجمهور مجرد تعبير عن الحماس والمشاركة، بل أصبح يشكل في بعض الأحيان تهديداً أمنياً وسلامة عامة. لذلك، من الضروري أن يعيد منظمو الفعاليات التفكير في استراتيجيات الأمن والتنسيق بين الفنانين وقوات الأمن لتجنب حدوث فوضى أو حوادث غير مرغوبة.
وفي هذا السياق، تصاعد الجدل مؤخراً بعد حادثة مماثلة في مصر مع الفنان راغب علامة، حيث سمح في إحدى حفلاته لمعجبة بالصعود إلى الركح، مما أثار ردود فعل قوية. ورغم أن نقابة المهن الموسيقية المصرية اعتبرت هذا التصرف مخالفاً للقيم والتقاليد وقررت منعه مؤقتاً، أوضح راغب علامة أن الفتاة صعدت دون دعوة منه، وأن الأمر نتج عن سوء تنظيم أمني، معبراً عن رغبته في حل الأزمة بشكل ودي.
هذه الحادثة سلطت الضوء على التوتر بين حرية التفاعل الفني وضوابط الأمن والتنظيم في المهرجانات الكبرى.
ظاهرة صعود الجمهور على الركح، سواء بطلب من الفنان أو بضغط من الحضور، تعكس قوة العلاقة بين الفنانين وجمهورهم، لكنها تبرز في الوقت نفسه تحديات كبيرة أمام منظمي المهرجانات الذين يحاولون إيجاد توازن بين خلق أجواء تفاعلية وحيوية، وضمان الأمن والسلامة للجميع.
في النهاية، تبقى قضية صعود الجمهور على الركح مسألة معقدة ومتجددة تحتاج إلى تعاون وثيق بين جميع الأطراف المعنية لضمان استمرار الفعاليات الفنية بأمان ونجاح، مع احترام الرغبة في التواصل والتفاعل الإنساني بين الفنانين وجمهورهم.