ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن وساطة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير للعفو عن الكاتب الجزائري بوعلام صنصال من قِبل الرئيس عبد المجيد تبون، أتاحت لكل من باريس والجزائر حفظ ماء الوجه في ظل الأزمة السياسية والدبلوماسية المتواصلة بين البلدين.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الوساطة سمحت للرئيس الجزائري "بأن لا يبدو وكأنه خضع لضغوط فرنسية".
كما أنهت المبادرة الألمانية أحد الملفات العالقة بين باريس والجزائر منذ خمسة عشر شهراً، وبمجرد الإعلان عن الإفراج عن صنصال، اتصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الألماني "ليعبر عن امتنانه الكبير".
وتشير لوموند إلى أن باريس كانت تدرك جيدًا أن تبون لا يمكنه تلبية أي طلب مباشر من ماكرون بشأن العفو عن بوعلام صنصال، لأن ذلك كان سيظهره أمام الرأي العام وكأنه رضخ للضغط الفرنسي، في وقت كانت فيه قوى اليمين الفرنسي، خصوصًا المتطرف منها، توجه انتقادات حادة للجزائر.
وأضافت الصحيفة أن "الوساطة الألمانية شكّلت المخرج الأنسب للأزمة"، وأن باريس شاركت فيها بشكل وثيق، وفق مصدر مطّلع على العلاقات الجزائرية الفرنسية.
وبيّن المصدر أن "طريقة تنفيذ قرار العفو والإفراج عن صنصال سمحت لكل طرف بالحفاظ على مكانته والخروج من الأزمة بمظهر المنتصر".
كما لفتت لوموند إلى أن الجزائر رحّبت بالمبادرة الألمانية نظرًا للعلاقة الجيدة التي تربط تبون بشتاينماير، والتي تعود إلى فترة علاج الرئيس الجزائري في ألمانيا مطلع عام 2021 بعد إصابته بفيروس كورونا.
وترى الجزائر، بحسب التقرير، أن الوساطة الألمانية فرصة لتوسيع هامش حركتها الدبلوماسية في وقت كانت فيه الأزمة مع فرنسا تلقي بظلالها على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
أما ألمانيا، ورغم وقوفها إلى جانب فرنسا في قضية صنصال، فإن لديها مصالح استراتيجية واقتصادية في المغرب العربي، خصوصًا في المجال الأمني.
وتُعد ألمانيا ثالث أكبر مزوّد للسلاح إلى الجزائر بنسبة 14%، بعد روسيا (48%) والصين (19%)، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2024 وفق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.