آراء

عندما تتخلى هيئة الانتخابات عن مسؤوليتها: حياد أم تواطؤ ؟!

الانتخابات على الأبواب سواء التشريعية أو الرئاسية لكن بظهور مسألة تزوير تزكيات المترشحين للانتخابات الرئاسية أصبحنا نتعاطى مع الموضوع من منظور مختلف: مدى شفافية الانتخابات القادمة ونزاهتها؟ وأي مستقبل للديمقراطية في تونس؟ وأي موقف ستتخذه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إزاء الاتهامات الموجهة لها في هذا الخصوص؟
بعد إعلان أعضاء هيئة الانتخابات عن وجود شبهة تزوير جدية في تزكيات ملفات بعض المترشحين للرئاسة مع إحالة الملف على النيابة العمومية باعتبارها مخالفة جزائية أي جناية في مسألة التزكيات وللإشارة فإن الهيئة لم تتفطن لهذه التجاوزات بل المواطنون هم من تثبتوا من قائمة التزكيات واحتجوا بعد أن أدرجت عديد الأسماء من المزكين دون علمهم وهذا خرق واضح للقانون وما يسمى بـ"تزوير".
تونس التي قدحت شعلة الربيع العربي نحو طريق الحرية والديمقراطية لا يجب أن تصمت أمام مثل هذه التجاوزات الخطيرة، فتقديم معطيات خاطئة من قبل أي مترشح هي جريمة يعاقب عليها القانون وعلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحمل مسؤوليتها في هذه التجاوزات.
فعندما تتنصل الهيئة من مسؤوليتها في هذا التزوير فهي أيضا تعتبر مشاركة فيه بطريقة أو أخرى فأي معنى لحياديتها إن لم تقم بواجبها الأساسي وهو التثبت من حالات التزوير الحاصلة لأن نية التجرؤ على القانون كانت واضحة فالخطأ المتكرر لا يعكس حسن نية بل هو سوء نية عن سابق الإصرار والترصد في لغة القانون بما تبين من تكرار للأسماء وهويات غير موجودة واقعا، هذا هو الاستهتار بعلوية القانون. 
ثم إن الموقف الذي تتمسك به الهيئة في عدم رفضها ترشح كل من ثبت تورطه في عمليات التزوير والتدليس التي طالت التزكيات يعني ضرورة أن الهيئة متواطئة أخلاقيا في هذا الخرق إلى أن يثبت تواطئها عمليا. 
لذا فالهيئة تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية في حال وصول مترشح ثبت ارتكابه جريمة التزوير، وإلا فإنها بصمتها هذا تخيب آمال التونسيين في تحقيق حلم الربيع العربي الذي مازال في بدايته خاصة وأنها رفضت سابقا اللجوء إلى التعريف بالإمضاء أثناء جمع التزكيات.
ولعل هذا التجاوز يفتح عيون السلط المشرفة لمزيد مراجعة بنود القانون الانتخابي بما أنه بان بالكاشف أنه قانون "مفصل على قياس البعض" وقد تكون الهيئة من بين هؤولاء بما انها اتخذت القانون الانتخابي سندا لها للتهرب من أي مسؤولية على اعتبار أنه لا يخول لها إحالة التجاوزات على القضاء وفق ما أعلنه رئيسها شفيق صرصار.
وللتذكير فإن هذه الانتخابات حلم كل تونسي لإنهاء فترة الانتقال الديمقراطي وكسب ثقة الناخبين بخصوص شفافية الانتخابات وفرصة لإثبات علوية القانون والقضاء على ثقافة الإفلات من العقاب التي نخرت المجتمع التونسي، لاسيما وأن الدور الأساسي للهيئة هو تامين نزاهة الانتخابات وحرصها على مقاومة الغش الانتخابي.
 
 
وداد قرامي