آراء

المنصف المرزوقي في حضن " الاسلام السياسي":حركة النهضة تدعمه ولا تسميه والسلفية تدعمه علنا

ارتفع نسق الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس ، مقارنة مع الاسبوعين الفائتين ، تماما مثلما كان الأمر في الانتخابات البرلمانية حين دفعت الأحزاب السياسية الكبرى آخر أوراقها في الحشد و التعبئة والتحالفات قبل أيام قليلة من التصويت
ورقتان وضعتا أمس الاثنين فوق الطاولة تزامنا مع هذا الارتفاع في نسق الحملة الانتخابية ، الأولى هي رسالة الأمين العام الأسبق لحركة النهضة حمادي الجبالي التي دعا من خلالها الى عدم التصويت لمرشح الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية والثانية هي اعلان محافظ البنك المركزي السبق مصطفى كمال النابلي انسحابه من السباق الرئاسي.
ورقتان يمكن اعتبارهما انهما من الوزن الثقيل من ناحية أنهما ستدفعان نحو تكريس حالى الاستقطاب التي تعرفها الانتخابات الرئاسية والاصطفاف إما وراء المترشح المنصف المرزوقي تحت عنوان" التوازن بين رأسي السلطة التنفيذية ومنع أي تغول منتظر" أو وراء مرشح حزب حركة نداء تونس تحت عنوان " هيبة الدولة وتجاوز مخلفات حكم الترويكا".
انسحاب السيد مصطفى كمال النابلي الذي ربما ستتلوه انسحابات اخرى لم يفاجئ المراقبين لأن " العائلة الموسعة" التي يتحرك فيها هي ذاتها التي يتحرك فيها السيد الباجي قائد السبسي ( دستوريون ، مستقلون، يساريون غير منظمين في احزاب سياسية، نقابيون سابقون..) ، وهذه " العائلة الموسعة" كانت منضبطة في الانتخابات في الانتخابات البرلمانية ومنحت اصواتها لحزب حركة نداء تونس في مواجهة حركة النهضة الاسلامية.
أما رسالة السيد حمادي الجبالي رئيس أول حكومة للترويكا (رغم أنها لا تحمل طابعا رسميا ممثلا للحركة ) فأنها كشفت:
أولا: أن لحركة النهضة مرشح بعينه وهو السيد المنصف المرزوقي لكنها لا تسميه ، وذلك للاحتفاظ ببعض الأوراق في مفاوضات تشكيل الحكومة ومفاوضات رئاسة مجلس الشعب.
ثانيا: أن موقف الحياد الذي اقره مجلس شورى النهضة قبل اسابيع ، هو موقف للتسويق الاعلامي والسياسي ، أما الموقف الحقيقي فهو دعم السيد المرزوقي ، والدعم العلني يأتي من السيد حمادي الجبالي الذي تؤكد عديد الروايات الموثوقة أن خلافات كبيرة كانت بينه وبين السيد المرزوقي الحكومة وصلت الى حد القطيعة ، قبل ان يستقيل من رئاسة . وهنا تكمن رمزية الرسالة التي امضاها .
ثالثا: ان " العائلة الموسعة" التي يتحرك فيها السيد المنصف المرزوقي هي " الاسلام السياسي" بمختلف تياراته : أغلب الحضور في الاجتماعات الانتخابية للسيد المرزوقي خاصة في صفاقس و قفصة وقابس هم من حركة النهضة ، الأحزاب التي اعلنت دعمها لترشحه قريبة من التيارات الاسلامية ، احزاب سلفية من ذلك حزب جبهة الإصلاح السلفي اعلنت دعمها له ، السلفي البشير بن حسين على راس حملته الانتخابية في الساحل، عناصر ما يعرف سابقا بروابط حماية الثورة اعلنت بدورها مساندته وتشاركه الحملة الانتخابية .
وفي المقابل لا نجد من الضمن الجهات الداعمة له " علمانيون و" قوميون" وهو الذي أكد في أكثر من مناسبة أنه علماني وعروبي .
السؤال : هل اختارت " العائلة الاسلامية الموسعة" دعم السيد المرزوقي لأنه فقط " الضامن للحريات و لعدم عودة الاستبداد"؟ أم لأن السيد المرزوقي اثبت خلال فترة رئاسته للبلاد أنه جزء من هذا المشروع ؟
المواقف الخارجية لتونس (سوريا، مصر ، ليبيا ) التي كانت بتوجيه من السيد المرزوقي باعتبار صلاحياته كانت رافدا لمواقف قطر و الاسلام السياسي ، ومتناغمة مع خيارات هذا التيار، مما جعله جزء من هذا المشروع .

 

بقلم: نور الدين المباركي