آراء

4 سنوات مرت على الثورة : رغم التعثرات الامل مازال قائما

 تحيي تونس اليوم الذكرى الرابعة لثورة 14 جانفي 2011 التي انطلقت شراراتها الاولى من سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010 تضامنا مع محمد البوعزيزي الذي اضرم النار في جسده تعبيرا عن غضبه من وضعه الاجتماعي. 

وقد توفي البوعزيزي يوم الثلاثاء الموافق 4 جانفي 2011 في مستشفى الحروق البليغة في بن عروس مما أدى ذلك إلى اندلاع مظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين لأوضاع البطالة المتفاقمة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم . 
وشملت المظاهرات عديد المدن في تونس مما ادى الى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة التصادم مع قوات الأمن، وعلى الرغم من خطاب الذي توجه به الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الى الشعب التونسي  ، حيث تعهد انذاك ، بتغيير عدد من الوزراء والتخفيض أسعار بعض المنتوجات الغذائية الا أن لهيب الاحتجاجات توسع وازدادت شدتها وهو ما أجبر الرئيس المخلوع الى مغادرة البلاد بشكل مفاجئ تحت حماية أمنية ليبية إلى السعودية يوم الجمعة 14 جانفي2011.
وهو ما دعا الوزير الأول محمد الغنوشي في نفس اليوم الى توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك بسبب تعثر أداء الرئيس لمهامه تطبيقا لما جاء بالفصل 56 من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول. لكن المجلس الدستوري قرر بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل 57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 جانفي 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يومًا. وشكلت الثورة التونسية المفجز الرئيسي لسلسلة من الاحتجاجات والثورات في عدد من الدول العربية.
وتتالت الاحداث بعدها الى أن تم الاعلان عن تكوين أول انتخابات ديمقراطية في تونس وتحديد يوم 23 أكتوبر 2011 تاريخ اجراء أول انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية في تونس من اجل انتخاب الاحزاب التي ستمثل الشعب في المجلس الوطني التأسيسي الذي عرف على امتداد 3 سنوات بسيطرة أحزاب الترويكا وهم الاحزاب الفائز في انتخابات 23 اكتوبر بالاغلبية البرلمانية ( حزب التكتل من أجل العمل والحريات، حركة النهضة، وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية) وهي أحزب عرفت على امتداد 3 سنوات بسيطرتها على الحكم، اضافة الى تواجد عدد من الاحزاب الاخرى بالمجلس على غرار الجبهة الشعبية ، حزب المسار وحزب الجمهوري.. 
وانتهت فترة حكم الترويكا بوضع دستور جديد للبلاد بعد دستور 1959 وتنظيم أول انتخابات تشريعية حدد تاريخها يوم 26 أكتوبر 2014 وانتخابات رئاسية حدد تاريخها يوم 23 نوفمبر 2014، وعلى الرغم من إجراء هذه الانتخابات ونزاهتها الا أن الشعب التونسي لا يمكنه أن ينسى على امتداد 4 سنوات من انطلاق أول شرارة للثورة عدد الاغتيالات السياسية (اغتيال شكري بلعيد في 6 فيفيري 2013 واغتيال محمد البراهمي في 25 جويلية 2013) والاغتيالات الامنية وحجمها ونوعها ، اذ لا يمكن أن يمر أسبوع أو شهر على الاكثر دون تسجيل خسائر بشرية و اصابات أو وفيات في صفوف الجيش الوطني أو في صفوف قوات الامن بجميع أنواعه، في كل من جبل الشعانبي بالقصرين وسيدي بوزيد وجندوبة والكاف نتيجة الكمائن والهجمات العنيفة للعناصر الارهابية الذين ينتمون الى تنظيمات ارهابية اقليمية ودولية،حيث تم تسجيل على امتداد الاربعة سنوات حوالي وفاة 70 وأكثر من 200 جريح في صفوف القوات المسلحة بجميع أنواعها من الجيش الوطني والشرطة والحرس..
كما شهدت تونس في هذه الفترة أيضا ارتفاع مشط للأسعار في عدد من المواد الاستهلاكية الاساسية وغير الاساسية وذلك على الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها تونس، كما شهدت الاربعة سنوات منذ الثورة الى اليوم انهيار الاقتصاد التونسي حيث لم تنجح الحكومات المتعاقبة على تونس بعد الثورة في إعادة إطلاق الاقتصاد بما فيها حكومة مهدي جمعة  ،حيث نمو الاقتصاد الوطني ظلّ هشا، حسب تأكيد محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري.
و عرفت الفترة المذكورة تواصل في تفاقم عجز الميزان التجاري الذي تطور من 3.3 بالمائة سنة 2013 إلى 8.9 بالمائة سنة 2014 والذي من المنتظر أن يصل إلى 7.5 بالمائة من الناتج المحلي الداخلي سنة 2015، وهو ما ينبّه إلى خطورة هذا الانزلاق الخطير ، استنادا لمحافظ البنك المركزي .
الثورة سمحت للمواطن التونسي ممارسة حقه الانتخابي دون أي توجيه سياسي من خلال المشاركة في أول انتخابات تشريعية بصفة نزيهة وديمقراطية والتي انتهت بفوز حزب نداء تونس بأغلبية المقاعد في مجلس نواب الشعب أي 86 مقعدا مقابل 69 مقعدا لحركة النهضة و16 مقعد لحزب الاتحاد الوطني الحر و15 مقعد للجبهة الشعبية و8 مقاعد لحزب افاق تونس وباقي المقاعد هي من نصيب أحزاب اخرى ومستقلين من جملة 2017 نائب في مجلس الشعب...
وسجلت نهاية 2014 أيضا اجراء أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تونس منذ الاستقلال والتي أفرزت فوز الباجي قائد السبسي بـ 55.68 بالمائة على نظيره محمد المنصف المرزوقي الرئيس المنتهية ولايته بـ 44.32 بالمائة، وتسلم السبسي السلطة بصفة نهاية يوم 31 ديسمبر 2014، ليكون خامس رئيس الجمهورية التونسية بعد محمد المنصف المروقي وفؤاد المبزع والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي و الرئيس الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
لا شك أن الثورة التونسية قامت من أجل الحرية والكرامة والعدل في توزيع الثروات على أبناء الشعب وتحسين ظروف المعيشة الا أن الوضع في البلاد بقي على حاله ولم يتغير بل ازداد تدهورا وعجزا وهو ما سجله الاقتصاد في أوخر سنة 2014، وعلى الرغم من الحكومات المتعاقبة على تونس الا أن أنها لم تنجح الى اليوم في تحسين وضع الاقتصاد التونسي بل ما يمكننا قوله أن الديون والتبعية الى الخارج ازادت وتضاعفت خاصة في ظرف 4 السنوات الماضية والتي يعود سببها الى عدة اعتبارات لكن رغم كل هذه التعثرات مازال هناك امل قائم في نفوس التونسيين.
 
كلثوم