آراء

اتهم اعلاميين وسياسيين بمحاولة توتير العلاقة: الصيد ليس هناك "أزمة صامتة" بين تونس والجزائر

 قال رئيس الحكومة  الحبيب الصيد، في مقابلة مع صحيفة "الشروق" الجزائرية، الذي أدي زيارة للجزائر يومي الأحد والاثنين: "لا توجد ضبابية بين تونس والجزائر، بالعكس هنالك الصراحة وهي الأساس بين الحكومتين والدولتين، الحديث عن الضبابية كلام يتم تداوله في وسائل الإعلام فقط، نحن نعيش في جو ديموقراطي، وهذا الجو يتيح للبعض الحديث ولا يمكن منعهم من ذلك، و إن كان كلامهم خاطئا ومجانبا للصواب". .

تأكيد على البعد الاستراتيجي
 
يأتي هذا الرد "الحاسم" من رئيس الحكومة التونسية، اجابة عن تسريبات اعلامية خاصة تناولتها الصحف الجزائرية في أكثر من مناسبة، وأشارت فيها الى وجود "أزمة صامتة" بين البلدين.
يذكر هنا أن بعض وسائل الاعلام الجزائرية، بما فيه القريببة من سلطة القرار، كانت قد أشارت في عديد المرات الى وجود "تململ" رسمي جزائري من امضاء تونس لاتفاقية الشركة الأمنية مع واشنطن، ومن اعلان الرئيس أوباما عن منح تونس صفة الشريك غير العضو لحلف "الناتو"، في شهر ماي الفارط، أثناء زيارة الرئيس قائد السبسي لأمريكا.
وكانت السلطات الرسمية التونسية، قد عبرت في مرارا وتكرارا على أن صفة الشرك من خارج "الناتو" التي منحت لتونس لا تستهدف الجزائر ولا أمنها، وأن تونس تنظر للعلاقات بين البلدين في مرتبة الاستراتيجية، وأن أمن تونس هو أمن الجزائر، وللبلدين أمن قومي واحد ومشترك. وهو كلام ليس لمجرد الاستهلاك الاعلامي والسياسي، وانما هو مجسم على أرض الواقع من خلال درجة التنسيق العالية على الحدود، سواء على الميدان أو من خلال التبادل الاستخباراتي والمعلوماتي، وهو يعد عمل ضروري ويصب في خانة مصلحة وأمن البلدين.
كما أن السلطات التونسية عبرت على أنها تستأنس بخبرة الجزائر في الحرب على الاهاب، خصوصا وأن بلد المليون شهيد استطاع، وبرغم عشرية توصف "بالسوداء" من دحر الارهابيين ميدانيا، وكذلك مجتمعيا من خلال التقليص من الحاضنة الشعبية والمجتمعية للمتشددين، ما سهل محاصرتهم وعزلهم وهي مقدمة سهلت القضاء عليهم لاحفا، وفرضت على الكثيرين منهم النزول من الجبال والاستفادة من قانون الوئام الوطني، الذي دعا له الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
اتهام أطراف بتوتير العلاقة
 
كما أشار رئيس الحكومة التونسية، في لقاءه مع "الشروق" الجزائرية –صدر اليوم الثلاثاء- " أؤكده وبوضوح وهذا قلته في لقاء خاص، العلاقات بين تونس والجزائر علاقة مباشرة وقوية، وهنالك أطراف يزعجها هذا الوفاق بين البلدين، ولأكون أكثر صراحة هذه الأطراف تصطاد في المياه العكرة، هذه الأطراف لا يسعدها التفاهم والتوافق والانسجام القائم بين البلدين."
وأضاف: "نقول بكل صراحة لهذه الأطراف فشلتم وستفشلون في مسعاكم، ولن تستطيعوا التأثير والإساءة للعلاقات بين البلدين، نقول لهم إن ما تسعون له سيفشل لأن العلاقات بين البلدين قوية وقوية وعصية عليكم".
ووصف الحبيب الصيد الأطراف التي تحاول الإساءة إلى علاقة الجزائر وتونس، بأنهم "أناس لهم مرض" ولا يروق لهم "أن يكون البلدان على اتفاق ووفاق. نعم هنالك سياسيون وإعلاميون وغيرهم، غرضهم خلق المشاكل بين البلدين، ولا أجد ما أقوله لهم سوى ربي يهديكم".
داعش توحد البلدين أكثر
 
ان ما يربط بين البلدين، أكثر مما يفرق بينهما خاصة في هذا الظرف المتسم بتصاعد التحديات الأمنية، في علاقة بتمدد الحركات الارهابيية. التي هي على مرمي حجر من البلدين، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على موقع قدم له في ليبيا وتحويل مدن بأكملها مثل "سرت" الى قاعدة للتحرك والانتشارفي ليبيا، اضافة الى التخطيط للتوسع مغاربيا. وهي تهديدات ليست بالخافية على مسؤولي البلدين، وتم وضعها على طاولة الحوار في لقاء رئيس الحكومة الحبيب الصيد بالقيادة الجزائرية يومي الأحد والسبت، ومع الرئيس بوتفليقة نفسه.
في هذا الاطار، نشير الى أن التدخل الروسي القوي في سوريا، قد يكون فرض تحولا في خطة "الدواعش" الذين أشارت تقارير استخباراتية ، الى أن أعداد مهمة منهم بدأت في التنقل نحو ليبيا. وهو ما أشارت له تقارير اعلامية، تحدثت عن نقل مئات الدواعش من سوريا الى ليبيا، عبر رحلات جوية منتظمة خلال الفترة الأخيرة.
هذا "النزوح الداعشي"، ينظر له بعين حذرة في كل من تونس والجزائر، خصوصا وأنه سيقرب أعداد كبيرة منهم من بلدانهم، وبالفعل فان هناك معلومات عن أن "الدواعش" لا تفصلهم سوي 70 كيلومترا عن الأراضي التونسية، أي أنهم على الحدود التونسية والجزائرية من الجهة الليبية. وهو خطر مرشح للتصاعد، في حالة انفلات الأوضاع في لبيبا بصفة دراماتيكية.
في المستوي السياسي والدبلوماسي، في علاقة بما يجري في ليبيا، نشير الى ما أكد عليه كاتب الدولة المكلف بالشؤون الخارجية، التهامي العبدولي في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء في الجزائر بالذات، من "ان تونس والجزائر تتبنّيان نفس المقاربة بخصوص الملفّ الليبي. مشيرا الى "أن تونس والجزائر ليس لهما أي أجندا سياسية بخصوص ليبيا وانّما غايتهما هو الحفاظ على ليبيا من أجل مصلحة الليبيين"، مذكرا بموقف البلدين بخصوص دعم حكومة الوفاق الوطني ودعم دور الامم المتحدة في هذا البلد.
 
منذر بالضيافي