أعرب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عن تفهمه الكامل لعدم رضا طبقات عديدة في المجتمع التونسي، وخاصة التي انطلقت الثورة منها ولها قبل ست سنوات، تجاه الأوضاع الراهنة، خاصة مع عدم تحقق قدر كبير من الإصلاحات الاجتماعية التي طالبت بها الثورة.
نبه الغنوشي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية الى حساسية الوضع الراهن ودعا للإسراع في إرساء وتفعيل مؤسسات الحكم المحلي لتستطيع كل جهة تحديد أولوياتها والعمل على تلبيتها بالتعاون مع السلطات المركزية، ولكنه رفض المبالغات التي تتحدث عن أن البلاد قد تكون معرضة لموجة ثورية ثانية جراء حالة اليأس التي بدأت تجد لها طريقا في المجتمع وأسفرت بالفعل عن خروج عدة احتجاجات.
وأشار إلى أن "الثورة التونسية كانت في عمقها ثورة اجتماعية لمعالجة الظلم والتهميش"، وأقر بأن استغراق الإصلاحات السياسية فترة طويلة "جعل الفئات التي انطلقت الثورة منها ولها تفقد صبرها" إلا أنه اعتبر الخلافات السياسية الكبيرة في البداية أمرا طبيعيا "بسبب حالة الاستبداد الطويلة واختلافات النخب السياسية والتدافع الأيديولوجي".
وأضاف :"وأخيرا اهتدى الفرقاء السياسيون، باستثناء أقلية منعزلة، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطياف وتحظى بدعم المنظمات الاجتماعية الكبرى ... ونحن كحركة ندفع باتجاه أن تولي هذه الحكومة المسألة الاجتماعية ما تستحقه من اهتمام وأن تسعى لتحقيق المطالب العميقة للثورة".
واستبعد أن يكون للاحتجاجات التي تخرج أحيانا أثر على فرص ومناخ الاستثمار بالبلاد، وقال :"إذا قارنا معدل الاحتجاجات بالمعدل العام في بلدان أخرى سنجدها ليست إلا حوادث معزولة عادة ما تنجح السلطات في التعامل معها ... وإحدى مشكلات بلادنا أن واقعها أقل سوءا بكثير من الصورة التي يسوقها الإعلام".
وشدد على أن الدولة "تبذل حاليا جهدا لتيسير مناخات الاستثمار من خلال إصدار القانون المنظم لهذا القطاع.
ورفض اتهام الحكومة بالتغافل عن تطبيق القانون في معالجة الاحتجاجات، وقال :"ليس هناك تغافل، وإنما محاولة لحل الإشكاليات بين المواطنين والسلطة أو بين المواطنين وأرباب العمل بالتفاوض وبأقل ما يمكن من العنف، وهو منهج، وإن بدا صعبا وطويلا، إلا أنه الأسلم ... فقد جرّبت البلاد لعقود حل مشاكلها بالعنف الشديد والقمع فأدى الأمر إلى ثورة كادت تهدم بنيان الدولة بالكامل".