المجتمع

بعد ثورة 10 سنوات :من يوقف محاولات البعض استغلال أزمة البلاد للسطو على حقوق النساء؟

 خلص عدد من الحقوقيين ونواب ونائبات الشعب وناشطات في المجتمع المدني والمختصة في القانون الدستوري سلسبيل القليبي خلال حوار عن بعد نظمته رابطة الناخبات التونسيات بالتعاون مع مؤسسة بالتعاون مع مؤسسة " Kvinfo " تحت  شعار "تونس غدوة خير" أنه بعد عشر سنوات على الثورة لازالت تونس تعيش اليوم ضعفا في مؤسسات الدولة وإفلاتا رهيبا من العقاب وتهديدات بأشكال مختلفة للحقوق والحريات في ضرب واضح لما جاء في دستور 2014وماظهر على السطح مؤخرا حول تفشي العنف المجتمعي والسياسي الذي يستبيح الاعتداء على  المرأة التونسية ويندد به حين يستهدف الذكور نوابا كانوا أو في أي مناصب في الدولة.

 فقد أعتبرت 'سلسبيل القليبي' المختصة في القانون الدستوري أن القضية النسوية ظلت على المحك منذ ظهور  الأحزاب الأولى بعد الثورة خاصة وهوما يفسر نوعا ما تنامي الخطاب العنيف ضدها المرأة.
متى تضع الدولة آليات لصد من يهددون الديمقراطية باسم حرية التعبير؟
وأشارت سلسبيل القليبي أن الانطباع الحاصل اليوم يؤكد أن هناك تهديدا لحقوق المرأة ومكانتها سببه منظومة  فتحت الباب لأشخاص معاديين  لقيم الديمقراطية باسم الحق في حرية التعبير في حين أن النظام الديمقراطي غير المؤطر بآليات قوية يجعلها أكثر الأنظمة هشاشة وهو ما يشرع التطبيع مع دعوات العنف وممارسته ضد المرأة اليوم تحت غطاء حرية التعبير والفكر في بلد مازال بصدد بناء  ديمقراطيته الناشئة.
ودعت القليبي الدولة التونسية لإستخدام أجهزتها لوضع آليات صد خطابات أعداء الحرية والكرامة الإنسانية التي تمس من الجنسين رجلا كان أو امرأة وجعلها  خطابات هامشية غير قادرة على  حشد أنصار لها في المجتمع. 
وأبرزت القليبي أن  النظام السياسي الحالي  جعل الدستور مهجورا وغير محترم في عدة فصول خاصة في مايتعلق بحقوق المرأة والمساواة بين النساء والرجال المنصوص عليها  في الفصل 21 من الدستور وهو مايسفر تصاعد العنف السياسي المسلط على المرأة طيلة عشر سنوات وسط عدم تحرك السلط العمومية لوقف ذلك في ظل تعطل إرساء بقية مؤسسات الدولة وخاصة منها  المحكمة الدستورية .
وأشارت سلسبيل القليبي  إلى أن المرأة بقيت طيلة عشر سنوات تعاني أيضا من رفض  جزء من الفاعلين السياسيين حضور المرأة في الفضاء العام بالشكل الذي تستحقه  وهنا تبرز مسؤولية الدولة في حشد قوى تقف ضد أصحاب الفكر المتطرف أي بمعنى حماية الديمقراطية من أعداءها داعية إلى مساعدة الشباب  في  بناء مقاوماتهم السياسية والاجتماعية تفاديا لانعكاسات أشكال أخرى للتعبير والقيادات الملفوفة بالمخاطر التي تدفع بهم للتهلكة منه الإرهاب والهجرة غير النظامية وغيرها  .....
وأضافت القليبي أن  تركيبة البرلمان الحالي تجعل من الحلول القانونية صعبة مشيرة إلى أن  أغلب مبادرات الحوار الوطني بما فيها تصور رئيس الجمهورية لا يمكن أن تكلل بالنجاح والتوافق  لوجود مأزق أولا في عدم التواصل بين أطراف متنافرة سياسيا بحيث لا معنى لحوار يجمع فقط بين أطراف متفاهمة في ما بينها لذلك من المهم  وضع رعاة لحوار وطني يحظون بالثقة والنزاهة لتجميع وتشريك الجميع بمن فيهم الخصوم السياسيين لضمان نجاح هذا الحوار و  خلق اتفاق سياسي .
ضرورة عقد حوار وطني محوره  المرأة 
وأضافت القليبي  أنه من غير المسموح رفع السياسيين الفيتو أمام بعضهم البعض خاصة في مرحلة تتخبط فيها تونس اقتصاديا واجتماعيا  ولا تقبل تواصل  الصراعات السياسية بهذه الوتيرة العنيفة القائمة على الإقصاء الدائم مع ضرورة الاتفاق خاصة على ضرورة المحافظة على وحدة مؤسسات الدولة وإبعاد من يحمل هذه الفكرة بصفة معلنة أو غير معلنة.
من جانبها قالت "تركية بن خذر" نائبة رابطة الناخبات التونسيات أن الأحزاب السياسية  والشخصيات الوطنية والمنظمات الاجتماعية أجمعت في استبيان أعدته الرابطة بعنوان " نساء تتأملن في تونس 10 سنوات بعد الثورة" على  ضرورة تنظيم حوار وطني اقتصادي اجتماعي بعيدا عن المصالح الحزبية تكون المرأة محوره الأساسي مع ضرورة تعديل قانون الأحزاب وتنقيح القانون الانتخابي.
وانتقدت  تركية بن خذر غياب المرأة في تركيبة مجلس الحوار الوطني وسط دعوات لحوار وطني لإنقاذ الوضع في تونس رغم دعم الرابطة لفكرة ضمان استمرارية الدولة داعية إلى تشريك المرأة التونسية وعدة كفاءات نسائية لاقتراح  حلول للازمة ضمن هذا الحوار.
من جانبه أعتبر'حاتم المليكي' النائب بمجلس نواب الشعب وخبير التنمية المحلية أن من بين أكثر المتضررين في العشر سنوات بعد الثورة هن النساء وتراجع تونس العالمي في مؤشرات الجندرة دليل يعكس ذلك مشيرا إلى أن شعارات الثورة شغل وحرية وكرامة  وطنية كانت في الأصل تفتقد بدورها لفكرة المواطنة داعيا الى التفكير والتحليل في  أسباب غياب فكرة المواطنة في شعارات الثورة.
الأمل في بذرة جيل جديد يؤمن بمقاربة النوع الإجتماعي
 وأعتبر حاتم المليكي أن المدخل القانوني لوقف خطابات العنف ضد المرأة في البرلمان مهم ولكن المدخل المجتمعي أكثر أهمية ويجب العمل عليه ووضع آلياته من خلال  تغيير السياسيات العمومية التي في الأصل لا تؤمن بمقاربة النوع الاجتماعي من خلال وضعها مثلا لمشاريع ترفيهية وخدماتية  ليست موجهة للنساء  بل للرجال .
 وأشار في ذات الوقت إلى وجود بصيص أمل فرغم التحامل على  الشباب وما يقال عن علاقتهم بالفكر الداعشي والإجرام والعنف وغيرها إلا أن ذلك لايخفي أن مجمل الشباب في الجامعات  ومنظمات المجتمع المدني لديهم اليوم قابلية للقيام بالدور التعديلي المجتمعي في مقاربة  النوع الاجتماعي وخلق بذرة جيل جديد يحمل ثقافة هذه المقاربة.
من جانبها أعتبرت 'أمال قرامي' الأستاذة الجامعية والكاتبة في الشأن السياسي أن أغلب النواب يقفون  في موضع  المشاهد ويرفض بعضهم العنف فقط لحظة الدفاع عن  النساء عضوات في أحزابهم وليس من منطلق مبدأ انتصارهم للنساء ككل كمواطنات.
في سياق متصل أكدت'ريم محجوب' النائبة السابقة على ضرورة الانتباه للبناء والتحسين وليس التراجع في ظل تواصل الخطاب المعادي للمرأة واستسهال فئة من الشعب لهذه المسالة معتبرة أن تغيير العقليات والدفع نحو تغلغل  الإيمان بان النساء نصف مهم في المجتمع هو الحل الأفضل الذي يجب العمل عليه لأن القوانين بمفردها غير كافية.
ودعت ليلى بلخيرية رئيسة الغرفة الوطنية لصاحبات المؤسسات بمنظمة الأعراف إلى وقوف  المجتمع المدني على ماتم انجازه ووضع مخططات وبرامج جديدة لإنقاذ مكتسباتهن معتبرة أن اطمئنان النساء لماجاء في الدستور سحب البساط عن  حقهن في ترأس  أبرز مواقع القرار في تونس داعي توعية الشباب في فضائهم الحالي وهو مواقع التواصل الاجتماعي وسط انزياح الدولة عن مهامها الحقيقية تجاه المجتمع .