ثقافة و فن

المنستير: وثائق حيّة استثنائية في كتاب ''الشاذلي قلالة رفيق درب بورقيبة مسيرة نضال ووفاء''

 احتضن اليوم الأحد نادي الأجيال بالمنستير حفل تقديم كتاب "الشاذلي قلالة رفيق درب بورقيبة مسيرة نضال ووفاء" للمؤرخ الباحث الحبيب بلعيد نظّمته الجمعية الدستورية الوطنية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية، وجمعية 21 جوان 1956 لسلك المعتمدين، وجمعية أبناء المقاومين "معركة التحرير"، وجمعية 2 مارس 1934 بمشاركة المكتب المحلي للمتقاعدين بالمنستير.

وصدر الكتاب في أكتوبر 2022 في 263 صفحة، قسمه الباحث إلى قسمين الأوّل حول مسيرة الشاذلي قلالة والثاني حول مراسلات الحبيب بورقيبة إلى الشاذلي قلالة وابنه أحمد قلالة مع شهادات وصور ووثائق.
وأفاد المؤرخ الحبيب بلعيد أنّ التعامل مع الوثائق المهمة وهي رسائل الحبيب بورقيبة التي وجهها إلى الشاذلي قلالة وإلى ابنه أحمد قلالة في الفترة 1936 و1954 التي توفرت لديه كانت مهمة صعبة فهي غنية بالمعلومات غير المعروفة من قبل العموم ولا يمكن دراستها كلّها وربّما تكون منطلقا لأبحاث أخرى حول العلاقة بين الرجلين. وتواصل انجاز الكتاب منذ سنة 2019 إلى غاية 2022 بشكل متقطع لانشغال المؤرخ ببحوث أخرى حسب ما أفاد به " وات" بلعيد.
وبيّن الباحث في التاريخ نبيل قلالة الذي ترأس الجلسة أنّ الحبيب بلعيد توخى منهجية موضوعية في هذا الكتاب المهمّ إلى أبعد الحدود إذ كان قائما على وثائق حيّة.
وأبرز الباحث في التاريخ نبيل خلدون قريسة أهمية العمل الذي قام به الباحث والمؤرخ التونسي الحبيب بلعيد فقد وضع كلّ ما لديه من جهد أكاديمي وذكاء في التعامل مع الأرشيف الخاص بعائلة قلالة الذي تضمن رسائل بخط اليد متبادلة بين الزعيم الحبيب بورقيبة والشاذلي قلالة وهي "تكشف أوجها أخرى للحركة الوطنية إذ وضعنا الباحث في الإطار الحقيقي لقراءة هذه الوثائق والتعامل معها مستقبلا بالمنظور الأنثروبولوجي للغوص في أعماق الحركة الوطنية والتعرف أكثر على الشخصيات في أبعادها الانسانية.
وكشف الكتاب عن شخصية محورية وحركية في الحركة الوطنية : الشاذلي قلالة الذي كان يربط بين العمل السياسي والمقاومي والاجتماعي القاعدي في كامل تراب الجمهورية. وكان أكثر الشخصيات حراكا وحضورا يجسم على أرض الواقع الكفاح الوطني وفق الرؤية والمنهج البورقيبي.
وكان يمثل النموذج الحيّ للمناضل الوطني النابع من الشعب الذي كان يقاسي ضنك العيش تحت نير الطبقة الأرستقراطية والاستعمار الفرنسي ومن الأهمية بمكان أن تأخذ هذه الشخصية التي كانت معتدلة وغير متعصبة مكانها في تاريخ الحركة الوطنية، واهتماما أكثر من المؤرخين حسب قريسة معبرا عن الأمل أن يساهم هذا "العمل التاريخي أي في علم التاريخ في ترسيخ ذاكرة جماعية موحدة خاصة أنّه يتضمن وثائق استثنائية بكلّ المقاييس فهي وثائق حيّة".
وكان قريسة ذكر في تقديم الكتاب بالصفحة 11 أن" "الشاذلي قلالة المناضل الغيور ...كان شخصية محورية ومثيرة في تاريخ الحزب الدستوري الجديد والحركة الوطنية عموما، لكن في هدوء مضطرم وصمت ناطق. ..كان دائما على العهد وفي الموعد في المحطات الحاسمة بالقول الفصل والفعل الناجع".
وأثار الحضور خلال النقاش مسألة الأسلوب الروائي الذي اعتمده المؤرخ في الكتاب، وكيف أنّ رسائل بورقيبة التي بعثها إلى قلالة تفند ما تعرض له بورقيبة منذ انشقاقه عن الحزب القديم من تشويه وتشكيك في عقيدته ودينه، وكيف أن بورقيبة جعل من الدين أداة عمل ونضال وبناء للدولة في حين بعد 30 سنة جعله آخرون أداة تخريب.
واقترحوا ترجمة الكتاب إلى لغات أجنبية، وتنظيم ملتقى حول نواة العمل السياسي بالمنستير وجهاتها، وضرورة رد الاعتبار للشاذلي قلالة والذين ناضلوا معه وللمناضل علالة العويتي.
ويشتغل حاليا المؤرخ الحبيب بلعيد على إعداد بحث حول تاريخ الجمعيات في البلاد التونسية في الفترة 1876- 1955.