وطنية

عودة الارهابيين تضع حكومة الشاهد في مأزق

تجدد مؤخرا الجدل في الاوساط السياسية و الاجتماعية في تونس حول عودة الارهابيين من بؤر التوتر (سوريا ، العراق ، ليبيا) خاصة في ظل تباين الاراء بين مؤيد و رافض لعودتهم .
و لعل تصريحات رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حول عودة الارهابيين هي من ساهمت في تفجير هذا الجدل ، حيث قال في وقت سابق خلال تصريحات اعلامية لوكالة الانباء الفرنسية انه ليس لدينا سجون كافية لوضعهم فيها و انه لا يمكن ان نمنعهم من العودة بإعتبار ان الفصل 25 من الدستور يحجر منع اي تونسي من العودة الى بلاده.
و في ظل انقسام الاراء في هذا الملف الشائك تلتزم حكومة يوسف الشاهد الصمت ازائه و لم يصدر الى حد الان اي موقف رسمي من السلطة او طرح خطة لمعالجة هذه القضية التي باتت تؤرق اغلب التونسيين و تقلب مضاجعهم ، لكن في المقابل اعلنت الاحزاب المشاركة في الحكم عن مواقفها بكل وضوح ، حيث اعلن نواب كتلة حزب نداء تونس امس الثلاثاء في بيان صادر عنهم عن رفضهم لعودة الارهابيين و طالبوا بمحاكمتهم في البلدان التي ارتكبوا فيها جرائمهم.
حزب افاق تونس ايضا كان له نفس التوجه في هذا الموضوع حيث اعلن عن رفضه القاطع أي إتفاقات معلنة كانت أو سرية خارجية أو داخلية  لتنظيم عودة الإرهابيين معتبرا هذا الملف هو ملف أمن قومي بالغ الخطورة ولا مجال فيه للتفاوض أو المقايضة تحت أي ضغط أو غطاء دوليين.
لكن في المقابل غردت حركة النهضة خارج السرب من خلال تصريح رئيسها راشد الغنوشي خلال اجتماع حزبي بولاية القيروان الذي لمح الى تأييده لعودة الارهابيين واصفا اياهم بالمرض الذي يستوجب العلاج .
و قوبلت تصريحات الغنوشي برفض من قبل بعض الاحزاب و الشخصيات السياسة و لعل ابرزها شريكي حزبه في الحكم حركة نداء تونس و افاق تونس.
من جهته عبر المجتمع المدني عن رفضه لعودة المقاتلين في التنظيمات الارهابية خلال مسيرة بدعوة من ائتلاف المواطنين التونسيين تم تنظيمها يوم السبت الماضي امام مجلس نواب الشعب .
و كان وزير الداخلية الهادي المجدوب قد اقر  في وقت سابق عن تسجيل عودة 800 مقاتل مؤكدا انه لا تتوفر بشأنهم معطيات كافية لكن الاجهزة الامنية تعمل جاهدة لتوفير كافة المعلومات بشأنهم و مراقبتهم.
و يحتل المقاتلون التونسيون في التنظيمات الارهابية بسوريا و العراق و ليبيا المرتبة الاولى من حيث عدد الاجانب الذين يلتحقون بمناطق النزاعات ، و قد قدر عددهم بـ5500 ارهابي تتراوح أعمار معظمهم بين 18 و35 عاما بحسب تقرير اعدته الأمم المتحدة حول استخدام المرتزقة سنة 2015.
و يرى مراقبون ان هناك تخبط من قبل السلطات التونسية بسبب غياب خطة شاملة لمعالجة هذا الملف الخطير الذي يمس من الامن القومي خاصة بعد الاستقرار الامني الذي سجلته تونس منذ فترة ، فضلا عن عدم توفر الامكانيات اللازمة في البلاد للتعامل مع عودة الارهابيين سواء من الناحية الامنية اوالقضائية او التأهيلية .
لا شك ان حكومة الشاهد في وضع لا تحسد عليه امام هذا الملف الخطير و الذي يمثل عبئا كبيرا عليها خاصة في ظل التحديات الاقتصادية و الاجتماعية و الامنية التي تواجهها.
 
 
احلام منصور