يقول نزار قباني : ' ان السياسة وحدها مستنقع ماذا لو التقت السياسة والبغاء؟'وفي مسرحية 'ولد شكون' تمزج جميلة الشيحي ما بين الفترات السياسية بشخوصها ورجالها وبين العلاقات الايروتيكية التي تعيشها البطلة فلكل مرحلة من حياتها رجل تقيم معه علاقة جنسية ومن خلال الجنس نفهم هذا العشيق : حياته ..ورؤيته للعالم و أفكاره .. وكما يقر نتشه بقدرة الجسد على فهم الواقع بواسطة "عقل مادي" نفهم كل شيء عن عشاق "ليلى" بطلة المسرحية عبر الجنس وبه لانه اداة تفسير الواقع ..
يصور العمل الذي يخرجه غازي الزغباني شخصية 'ليلى' الحبلى في اشارة واضحة الى تونس الحبلى بالافكار والتوجهات والتيارات المختلفة .. تحاول ليلى معرفة الاب الشرعي لجنينها وتستعرض مختلف العلاقات التي عاشتها مع عشاق كثيرون وفي هذا "الفلاش باك" مسح شامل لكل علاقة عاشتها بتفاصيلها ووجعها وحلوها ومرها..يلتقط العمل 'التفاصيل المزعجة' ويعري الواقع تعرية ايروتيكية تبدأ باستثارة الغريزة وتنتهي ب جلد الذات وفكرها ,, يلتقط العمل أيضا حالة 'السكيزوفرينا' التي يتخبط فيها كل عشيق عرفته ليلى لكن بطريقة كاريكاتورية و في كل علاقة غرامية عاشتها البطلة يفتح باب النقد بعنف فتتطاير التناقضات و مظاهر النفاق الاجتماعي والكبت الجنسي في وجوهنا فجأة ودون سابق انذار يمثل كل عشيق عرفته ليلى شخصية سياسية أو تيار سياسي ساهم في صنع الواقع الفوضوي الذي نعيشه '.
تنتقل جميلة الشيحي بين الشخصيات وتحاول تجسيد كل عشاق "ليلى" بالاضافة الى تجسيد الشخصية الرئيسية لكنها ضيعت علينا "لحظات مؤثرة" بسبب الارهاق الواضح وصعوبة تقمصها لكل صنف من أصناف الشخصيات كذلك كان صوت الشيحي خارج السياق لانه لم يخدم الشخصيات بل شوش عليها ولم يتماهى مع مكوناتها ..
ثم كيف يمكن لفنان يحمل وعيا وطنيا وحبا لهذا البلد ان يصور تونس الحبيبة 'زانية' رخيصة تقدم جسدها لكل العابرين ؟وتبحث عن أب شرعي لابنها اللقيط ؟معذرة فهذا الاختلاف الذي نعيشه ورغم الفوضى العارمة هو دليل ثراء تاريخ تونس بالافكار والتيارات الفكرية والسياسية وهو ابن شرعي لفكر بورقيبي غرس فينا حب الوطن أولا وقداسته وقدرتنا على النقد والاختلاف.'
وفاء الهمامي