انه لسؤال بريء ، عندما تنحاز اهم سلطة في الدولة عن مهامها الرئيسية وتتقمص ادوار ابعد ما يكون عنها وعن اهتماماتها حتى ؟ انه لسؤال بريء عندما يترك رئيس الجمهورية اقتصاد بلاده يتهاوى ويسقط الى ادنى المستويات بعد ان كانت بلاد في طور التقدم لتصبح بلدا فقيرا يقتات شعبها من هبات الدول ؟ وانه لسؤال بريء عندما يترك رئيس الدولة بلا تتخبط في مشاكل الارهاب و الاغتيالات و الازمات و ويصرف انتباهه عن اوساط ريفية لا تزال تعيش عصر الظلمات دون ماء ولا كهرباء هذا دون الحديث عن الطرقات والمدارس ؟ و يترك كل هذا ويتفرغ الى اصدار كتاب تستهدف الصحفيين لاستعراض بطولاته لم هذا الوقت بالذات وما الغاية من استهداف الصحفيين ؟وانه لسؤال بريء.
الجميع اليوم يسال لكن لا مجيب وفي محاولة للإجابة عن هذا السؤال فانه لا يحتمل اكثر من احتمالين اثنين فإما ان يكون هذا الكتاب انتقاما صارخا واستفزازا عنيفا للصحفيين و اما ان يكون دعاية تستعرض فيها رئاسة الجمهورية بطولة وهمية تدخل بها الانتخابات المقبلة ان كان هناك انتخابات.
فان كانت الفرضية الاولى صحيحة فانها لأقوى نادرة من نوادر رئيسنا لان اصدار كتاب بهذا الاسم وبهذا المضمون وفي فترة انتقالية تحولت بفضل الحكومة الحالية الى فترة اغتيالات وتصفيات جسدية هو من اخطر الفظائع التي ترتكب لما يمثل من تهديد واضح للأسماء الواردة به كما انه اشارة خضراء لبعض المتطرفين لتصفية الاسماء المذكورة والمنطق يقول ان رئيس الجمهورية مسؤول عن امن كل فرد من افراد شعبه وهو ما نبهت له نقابة الصحفيين في البيان الصادر عنها حيث شددت على خطر هذا كتاب الاسود والمظلمة التي اقترفها المرزوقي في حق الصحفيين .
و يبدو ان المرزوقي لم يتقبل انتقادات الصحفيين له سواء في مقالاتهم او على حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ، التي كشفت المستور و اعطته حجمه الطبيعي وفضحت اخطاءه التي لم يفعلها رئيس دولة قبله على مر التاريخ كما كشفت شخصيته المضطربة .
هذا دون ان ننسى ان هذا الكتاب هو تفرغ كامل ومتقن للصحفيين لكن الصحفيين يقولون لرئيس الجمهورية ان ذلك خطا في حق الدولة وفي حق المنصب وفي حق الشعب ثم في حق الصحفيين لانه كان من الاجدر لو اهتم بحسن تسيير هياكل الدولة ودراسة طرق الخروج من الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الي نمر بها وترك الكشف عن الاعلاميين المتورطين مع النظام السابق لأهل الاختصاص . ثم لماذا لم يسلم المرزوقي هذه القائمة لنقابة الصحفيين عندما طلبت ذلك اتراه رأى فيها غنيمة او اراد ان يستفرد بها ام بطولة من ورق اراد ان يشتهر بها؟
وان كانت الفرضية الثانية هي الصحيحة فهنا يكون الامر اخطر لان رئيس الدولة يطوع منصبه وصلاحياته لخدمة مصالحه الشخصية وبالتالي فلا فرق بينه وبين النظام الذي يضع لأجله حياة الصحفيين على المحك هذا ويبقى الامر المذهل الذي اقترفته رئاسة الجمهورية انها وكلت صالح عطية للاعلان عن الكتاب هذا الصحفي الذي اهتمت مقالاته دائما بسيدة تونس الاولى وفخامة رئيسه الاسبق وانجازاته.
و في النهاية نلاحظ ان المرزوقي تصرف كرئيس حزب و ليس كرئيس جمهورية و بالتالي اثبت ان تسييره لرئاسة الجمهورية لا يمت للحكمة والعقل بصلة وهو ما طالما تحدثت عنه الصحافة وسببت له الحرج وربما الغضب احيانا لكن ذلك لا يبرر له ان يترك كل مهامه ويقوم بالتفرغ لتأليف كتاب ويقوم بدور من المفترض انه من مهام قانون العدالة الانتقالية.
حنان جابلي