طوال سنوات سجنهم وتشردهم وخاصة في دول اوروبا الغربيه تغطى الاسلاميون الفارون او المعتقلون في سجون الانظمة العربية بمنظومة حقوق الانسان وكانت مقرات الجمعيات المدافعة عنها مواقع شكواهم ومنابر الدفاع عنهم خاصة والكثيرين استفادوا من مفاهيم التعاطف والحماية التي تطورت في المجتمعات الحديثة لتقديم انفسهم كضحايا لأنظمة مجرمة .
نجح الاسلاميون في لعب ورقة التعاطف معهم خاصة وانهم طوال عشرات السنين كانوا يائسين من اي امكانية لهم بالعودة لاوطانهم او استعادة ادوارهم السياسية فيها .
بدون مقدمات انقلبت الصورة رأسا على عقب وانهارت انظمة خلت نفسها مخلده وتبعثرت صورة الاوضاع في دول عدة ، وقفز الاسلاميون الى صدر الاحداث وخلقت الالة الاعلامية والوصاية الامريكية منهم قادة دول وحكومات بين ليلة وضحاها .
لم تعد المنظومة الكونية لحقوق الانسان وكل ما تباكى عليه الاسلاميون سابقا محل اهتمام الحكومات الاسلامية او محل متابعة من قبل الثوار الاسلاميين الساعيين لاسقاط عدد اخر من الانظمة بل اصبح تطبيق الشريعة الاسلامية بمفاهيم غريبة عجيبة هي الهدف والمثال المرتجى لهؤلاء جميعا بلا استثناء المنصبون على الحكم او الساعون اليه بالحديد والنار ، وشهدت ساحات القتال جرائم غير مسبوقه ارتكبتها جماعات اسلامية باسماء مختلفة وهدف واحد .
اليوم يصبح سؤال ما علاقة الاسلاميين بحقوق الانسان بما للإعلان من مفاهيم كونية سؤال اكثر من مهم :
فهل سيلتزمون بما تباكوا وناشدوا وتحركوا مطالبين بتطبيقه لحمايتهم من انظمة الاستبداد ، ام انهم سيكررون علينا ان الاسلام في شموليته وعدله سبق بكثير جدا منظومات و اعلانات حقوق الانسان وانه عندما ينتشر الاسلام سيعم العدل ويختفي الظلم ويعيش الناس سعداء .
ديماغوجية بيع الوهم التي يسوقها الاسلاميون تصطدم بواقع مرير يعيشه مواطني الدول التي استلموا الحكم فيها او الدول التي يسعون لإسقاط انظمتها والجرائم التي ارتكبت باسم الاسلام من قبل مجموعات تدعي انها متناقضة التوجهات ومتحدة الفكره ، تعكس حجم وخطورة ما يبشر به هؤلاء من قدرة غير مسبوقة على القتل و الاجرام ودائما بمبرر وغطاء شرعيين .
كيف سيتعامل الاسلاميون مع واقع وقضية حقوق الانسان هل سيعلنون التزامهم الصريح والمطلق بها ويعدلون القوانين للتماشى مع حق الانسان في الحياة ومنع كل اشكال انتهاك الكرامة البشرية ، ام سيعلنون رفضهم ومطالبتهم بتطبيق الشريعة بكل ما فيها رغم اختلافاتهم البسيطة بين المرحلية وفورية التطبيق .
ما شهدته منظومة حقوق الانسان من انتكاسات خطيرة ومخيفة فاقت ما كانت الانظمة السابقة تمارسه بحق مواطنيها سيعطي صورة واضحة عما سيكون عليه القادم من سواد ودمار ودماء .
باسل ترجمان