وسط حضور جماهيري محتشم، دوّت إيقاعات الموسيقى الاحتفالية عاليا وعمّت أرجاء المسرح الروماني بقرطاج، الليلة الماضية، في سهرة مشتركة تونسية ولبنانية أمّنتها كلّ من مجموعة حيدر حمدي (تونس) وأدونيس (لبنان). وقدّمت المجموعتان، أمام متابعين حضروا بأعداد قليلة، كتابة موسيقية مبتكرة مستلهمة من الموروث الشرقي ومنفتحة على الإيقاعات الغربية.
واستهلّت السهرة في جزئها الأول مع الفنان حيدر حمدي ومجموعته الموسيقية. فقدّم مزيجا موسيقيا متمردّا عما هو مألوف جمع بين الريغي والموسيقى الشرقية. وحفرت هذه المجموعة الموسيقية المتكونة من نضال جوا على القانون ونرجس سعد على الإيقاع وسليم عبيدة على "الباص" وطارق معروفي على "الباتري"، في عمق الموسيقى، مشكّلة نمطا موسيقيا مبتكرا ومؤثرا في الوجدان الإنساني.
ويُعيد هذا الحفل الاعتبار لأعمال حيدر حمدي ومجموعته الموسيقية وكذلك للموسيقى البديلة بصفة عامة التي لم تتوقف أبدًا عن تطوير نفسها ومقترحاتها الفنية، فهذا الشاب حيدر حمدي وجد نفسه عازفا على القيتارة في سن السادسة عشرة، وهو الذي لم يتلقّ تكوينا على العزف مطلقا آنذاك. وقد أصبحت الموسيقى أسلوبه في التعبير عن الواقع وفي الثورة عليه والدعوة للتغيير والحرية.
ومن أشهر الأغاني التي أدّاها حيدر حمدي على ركح مهرجان قرطاج الدولي "فاش تشوفي" التي أطلقها قبل الثورة. وغنّى أيضا "كلام صباح" التي أطلقها سنة 2012 و"يمر زمان" و"برا غني" و"كلام كذاب"، وغيرها من الأغاني التونسية الأصيلة التي أعاد تأديتها بتوزيع جديد.
وأمّن أدونيس ومجموعته الجزء الثاني من السهرة. وهذه المجموعة اشتهرت بموسيقاها ذات الطابع الاحتفالي وأثرتها بالموسيقى الالكترونية والكلمات المستمدّة من نمط الحياة اليومية، فانبعثت من آلاتها الموسيقية إيقاعات ساحرة وعلا صوت أدونيس مدويّا للغناء باللهجة اللبنانية وامُتزجت معه الإيقاعات الغربية.
بدا أدونيس متأثرا بأسمهان وصباح ووديع الصافي أو حتى "توم وايتس" و"مايكل جاكسون" و"روفوس وينرايت" و"إديث بياف". وقد تجلى ذلك بوضوح في أعماله الموسيقية التي ألفها قائد المجموعة ومؤسسها أنطوني خوري، وهو شاب طموح ترك الهندسة المعمارية التي درسها وامتهن الموسيقى والغناء لينشد للفرح وللحب والسلام. وتضمّ مجموعة أدونيس التي تأسست سنة 2011 ثلاثة عازفين آخرين هم جوي أبو جودي (عازف الغيتار) وجيو فيقاني (غيتار باص) ونيكولا حكيم (درامز).
وعبّر قائد المجموعة أنطوني خوري، خلال النقطة الصحفية التي تلت العرض، عن سعادته بالغناء على مسرح قرطاج، قائلا: "لنا الشرف في اعتلاء مسرح قرطاج والغناء على ركحه". وأضاف أن هذا العرض هو الأول في تونس وفي منطقة المغرب العربي لهذه المجموعة الشبابية.
وعن ظروف الاهتمام بالموسيقى وتأسيس هذه الفرقة، رغم تكوينه في مجال الهندسة المعمارية، يقول أنطوني خوري إن "مجال الهندسة لم يمنعنا من العزف منذ أن كنا صغارا"، مشيرا إلى أن مجموعة أدونيس استطاعت أن تترك بصمتها الموسيقية في لبنان وفي الدول المجاورة على غرار الأردن، وهو ما ساعد على انتشارها والتعريف بها في بقية الدول العربية وفي أوروبا.