وطنية

ثورة لكن دنسها حكامها

"من حسن حظ الحكام ان الناس لا يفكرون" حكمة استنتجها هتلر ايام حكمه لكن المشهد التونسي يعيدها بقوة للذاكرة والا ما من حجة تقنع ببقاء حكومة انتخبها شعبها لمدة سنة لتكتب دستورا ينظم البلاد فتبقى سنتين وليس بغريب ان تنهي سنتها الثالثة، وما من حجة تفسر تجرد رئيس الجمهورية من كل صلاحياته وكل اولوياته والتفرغ لكتابة الكتب والاعلان عن الحداد، ولا مبرر ايضا لرئيس اركان الجيوش ان يتخلى عن جيشه في ادق اللحظات يسبح في حمام دماء ويستقيل. هنا يطرح السؤال نفسه وبشدة ايمكن لهذه الحكومة ان تكتب دستورا "يعمل 66 كيف" كما قال مصطفى بن جعفر؟
فبعد الثورة الكل اقتنع باننا كسرنا كل الحواجز وسرنا في طريق الامل المنشود، امل الحرية والاستقرار والشفافية لكن سرعان ما اصبحت السلطة غنيمة تقسم والمبادئ سواعد تكبل والقيم افواه تكمم، واصبح المشهد التونسي دراما فريدة من نوعها لانها اول بلد عربي يثور في وجه الدكتاتورية ويصدر الثورات للبلدان العربية، واول بلد يشكل 3 حكومات في ظرف سنتين، واول بلد يذبح فيه جيش في مهمات رسمية واول بلد يغتال فيه صوت الباطل صوت الحق تراه في صور الاحباط التي تنطق بها دموع الامهات اللاتي فقدن ابناءهن. هنا فقط تعلم ان السياسة ليست سوى لعبة قذرة وتمثيلية محكمة تمثلها عصابات اعتادت السرقة هواية، والظلم مهنة، والتسلط عادة بهم كافأت الحكومة شعبا طرد دكتاتورا ونصبها على عرش الحكم، وبهم كافأت الحكومة شعبا احتشد على رغم انف السلطة الغاشمة وقدم حياته فداءا لتكون بلده مستقرة. وان كل ما استطاع حكام تونس فعله انهم دنسوا
المعنى الحقيقي للثورة واسقطوها في اعماق المستنقعات وفزعوا من اصوات الحق فاستباحوا دماءها لكن الشعب لن يرحمهم.
حنان جابلي